أبعاد
يواجه العراق “شبه جفاف” من سنوات عديدة، فبلد النهرين، يعاني اليوم من أزمة شديدة أدت إلى خسارة 70 بالمئة من مساحاتها الخضراء، ونفوق مئات الأطنان من الثروات الحيوانية وهجرة العديد من سكان الأرياف.
ازمة المياه، أثارت مواقف شعبية وسياسية ضد تركيا بسبب تقليص الحصة المائية العراقية وبناء السدود، والسياسة التي تتبعها أو كما يطلق عليها بـ”سياسة تعطيش العراق”.
التطور الجديد والذي يترقبه الجميع، يتمثل بزيارة الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، الى العراق، قريباً، وسط مطالبات سياسة وشعبية لمناقشة ملف المياه، ومحاولة الوصول الى حلول جذرية تنقذ العراق وتبعث الحياة المائية مرة أخرى في بلاد النهرين.
مؤشرات عالمية عديدة تنذر السلطات العراقية بأرقام صادمة حول ازمة المياه، الأ انها اخطرها هو ما تحدث حول اختفاء الأنهار في العراق بحلول عام 2040 وجفاف نهري دجلة والفرات تماماً.
بدوره، الخبير الاقتصادي، نبيل المرسومي كشف، عن أرقام “صادمة” تخص “أزمة” المياه في العراق.
وقال المرسومي في تدوينة تابعتها ابعاد، إن “معدل استهلاك المياه في العراق = 60 مليار متر مكعب”.
وأضاف، أن “إيرادات العراق المائية عام 2019 = 93 مليار متر مكعب”، مبينا أن “إيرادات العراق المائية عام 2023 = 15 مليار متر مكعب”.
وأشار الخبير الاقتصادي الى، أن “نقص مليار متر مكعب من حصة العراق المائية يعني بالمحصلة خروج 260 ألف دونم من الأراضي الزراعية”.
وبين أن “حصة الفرد من المياه عام 2019 = 2389 متر مكعب”، مستدركا “حصة الفرد من المياه عام 2023 = 348 متر مكعب”.
وأوضح المرسومي، أن “حصة الفرد العراقي من المياه حاليًا تعادل 14% فقط من حصته عام 2019”.
ولفت الى، أن “درجة الإجهاد المائي في العراق تبلغ 3.7 من 5 وفق مؤشر الإجهاد المائي، ليدرج العراق ضمن قائمة الدول المُصنفة بأن لديها (خطورة عالية) فيما يتعلق بالشح المائي ومخاطره”.
وختم حديثه بالقول، “يتوقع المؤشر العالمي أنه بحلول عام 2040 ستصبح بلاد الرافدين أرضًا بلا أنهار بعد أن يجف نهرا دجلة والفرات تمامًا”.
الى ذلك، يقول وزير الموارد المائية عون ذياب، في كلمته خلال المؤتمر الوطني لإدارة المياه الآمنة في العراق: إن “البلاد تواجه تحديات شح المياه للسنة الرابعة على التوالي جراء واقع التغير المناخي التي تعصف منطقة حوضي نهري دجلة والفرات، فضلاً عن قلة الواردات المائية نتيجة سياسة دول المنبع”.
وأكد، أن “الوزارة ملتزمة بتوفير المياه الخام ذات النوعية الجيدة لدعم إسالات المياه في عموم العراق”، منوهاً إلى أن “العراق يعتمد بنسبة 70 بالمئة من إيراداته المائية من خارج الحدود، لذا فإن الوزارة تعمل بشكل دؤوب وبالتنسيق مع دول أعالي الأنهار بشأن الإيرادات”.
ولفت ذياب، إلى أن “وزارة الموارد المائية وبإسناد من دولة رئيس الوزراء، باشرت بحملة واسعة لرفع التجاوزات على الموارد المائية، وبدعم كبير من القوات المسلحة متمثلة بقيادة العمليات المشتركة ووزارة الداخلية، فضلاً عن المحافظين والحكومات المحلية”، منوهاً إلى “الجهد الكبير المبذول في هذا الاتجاه والذي أسهم في إزالة العديد من التجاوزات على مصادر المياه”.
واشار الوزير إلى أن “نهر الفرات ما زال يعاني من حالة الجفاف؛ لأن تركيا أيضا لم تلتزم بالحصة المقررة وفق البروتوكول لسنة 1987 و1989 الموقع مع سوريا، على أن تعطي تركيا 500 متر مكعب بالثانية في منطقة طرابلس على الحدود التركية السورية”.
ودعا ذياب، المعنيين بالشأن المائي بشكل عام إلى “ترشيد استهلاك المياه واتخاذ الإجراءات التي من شأنها التكيف مع شح المياه”.
ويأتي ملف “المياه” على رأس الملفات التي ينتظر العراقيون حسمها خلال الزيارة المرتقبة التي تعد الأول من نوعها منذ 12 عاما لرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى بغداد خلال أيام، والتي تأتي في وقتٍ يسارع فيه العراق الخطى من أجل ترتيب علاقاته الإقليمية والدولية، وفي ضوء مشروع طريق التنمية الذي يتبناه رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، لربط ميناء الفاو الكبير بتركيا وصولا إلى أوروبا.
كما ظهر حديث سياسي “غير مؤكد” عن ان تأخر زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الى العراق بسبب الشروط التي وضعها اردوغان على بغداد وهي الاول النفط مقابل المياه للعراق والشرط الثاني التنازل عن 21 مليار دولار (عقوبات على تركيا للعراق).
وفي يوليو 2016، وضعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة “يونسكو” أهوار العراق على قائمتها للتراث العالمي. ووفقاً لذلك القرار، فقد باتت الأهوار محميةً طبيعيةً دولية تمتد على مساحة 35 ألف كم مربع. وللمفارقة، فقد كادت الأهوار تخرج في مطلع عام 2023 من القائمة بسبب شح المياه والتغيرات المناخية.
ويحتل والعراق المرتبة الخامسة بأشد البلدان تضرراً من التغير المناخي بحسب الأمم المتحدة، كما أنه شهد منذ العام 2020 أزمة مياه خطيرة تصاعدية جراء شح الأمطار و”حرب المياه” التي شنتها عليه دول المنبع (تركيا، وإيران، وسوريا) لتبلغ الأزمة ذروتها خلال العام الحالي حيث انخفضت مناسيب نهريّ دجلة والفرات إلى مستويات غير مسبوقة، لدرجة أن قاع النهرين جف تماماً في بعض المناطق التي يمران بها، وفي مناطق أخرى انخفض إلى حد لم يعد بإمكان محطات مياه الشرب سحب الماء لكدورته، وأيضاً لتدنيه إلى أقل من نصف متر، إلى جانب انخفاض كبير في السدود والبحيرات والخزانات المائية، وتحول الأهوار الجنوبية إلى أراضٍ جافة.