ابعاد
أسفرت الصراعات الدائرة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان وعدم اتفاقهما على صيغة موحدة لقانون النفط والغاز عن التأخر في استثمار هذه الثروة بالشكل الصحيح وتوزيع توزيعا عادلا منذ أكثر من عقد ونصف من الزمن، ليتزامن ذلك مع فشل جميع الوساطات الاقليمية والدولية لحل هذه الاشكالية، ليبقى المشروع على أمل أن يرَ النور في الدورة البرلمانية الحالية بعد وجود أنباء عن اقراره خلال الفترة المقبلة.
اصرار حكومي
في 2 آب الماضي، عقد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني اجتماعا مع قادة الكتل السياسية، ووزراء الخارجية والنفط والصناعة، ومسؤولين من إقليم كردستان، إلى جانب خبراء نفط عراقيين ليؤكد أن القانون “جزء من الالتزام بالمنهاج الوزاري، الذي صوّت عليه مجلس النواب، لضمان التوزيع العادل للثروة النفطية”.
وقال: إن مشروع القانون “يمثل عامل قوة ووحدة للعراق، وهو عالق منذ سنوات، في وقت أن البلد اليوم في أمس الحاجة لتشريعه والاستفادة من هذه الثروة الطبيعية”. مشددًا أن “غياب القانون حرم محافظات عراقية من استثمار ثرواتها الطبيعية حتى اليوم، ما عطل مسار التنمية في البلاد”.
ارتدادات الاقرار
من جهته، استبعد العضو البارز في الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو إقرار قانون النفط والغاز في الدورة الانتخابية الحالية لمجلس النواب العراقي. عازيًا السبب إلى “عدم الاتفاق على بنود القانون حتى الآن بين بغداد وأربيل”.
ويرى أن “تشريع هذا القانون سيلقي بظلاله على تشريع الموازنات المالية المقبلة في العراق دون مشاكل أو خلافات بين بغداد وأربيل”.
وكان من المفترض أن ينتهي النقاش الفني حول القانون في حزيران الماضي، لكن من الواضح أنه سيتأخر فترة أطول، ويقول بعض النواب إنها قد تمتد إلى نهاية العام الحالي.
توقعات الديمقراطي
بدورها، كشفت المتحدثة باسم كتلة الحزب الديمقراطي الكوردستاني في مجلس النواب، فيان دخيل، في تصريحات صحفية، عن “زيارة مرتقبة لوفد من حكومة إقليم كردستان الى بغداد للمساهمة بانضاج قانون النفط والغاز بهدف تشريعه”.
وبينت دخيل أن “الخلافات حالياً فنية، وستحل بين اللجان المشتركة والوفود، وسيتم اقرار قانون النفط والغاز في مجلس الوزراء بعد الانتهاء من حل النقاط الخلافية بين المركز والاقليم”.
وبحسب التسريبات، فإن القانون يضم أكثر من 40 مادة، حسم النقاش حول نصفها تقريبا، وما تبقى سيكون شاقا على الكتل السياسية بسبب التقاطع السياسي والفني.
ماذا يريد الكُرد؟
الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أشار في تدوينة له، يوم السبت (26 أب 2023)، الى ان “نقطة التقاطع الرئيسة بين كردستان وبغداد في النسخة الثالثة من مشروع قانون النفط والغاز لعام 2023 تتمحور حول سعي الإقليم لتثبيت مادة في القانون الجديد مفادها: ان تقوم الحكومة الاتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية (قبل تشريع الدستور عام 2005) مع حكومة الإقليم أو المحافظات المنتجة غير المنتظمة في إقليم. وأن تكون حكومة الإقليم او المحافظات المنتجة غير المنتظمة في إقليم هي الجهة المختصة بإدارة النفط والغاز في الحقول الحالية والمستقبلية بعد تشريع الدستور”.
وأضاف، “ان ذلك يعني ان حقول كردستان كلها تكون ادارتها حصريا من قبل حكومة الإقليم ولا علاقة لبغداد بها!.
ومن المرجح أن يمنح القانون الجديد شركة “سومو” الحكومية، السيطرة الكاملة على واردات النفط، وبشكل أولي، لم تظهر الكتل السياسية أي اعتراض على ذلك، لكنها اختلفت في التفاصيل.
وظهر الخلاف بين المدن المنتجة للنفط، وتلك التي لا تضم حقولاً؛ إذ تفاوض الأولى للحصول على استثناءات على حساب المركز، لكن المدن الأخرى تصرّ على أن تكون بغداد هي الطرف الوحيد في إدارة الملف النفطي.
آثار تعطيل القانون
يرى الباحث الاقتصادي، علي عواد، أن “قانون النفط والغاز يمكن أن يساهم في رفع القدرة الإنتاجية للنفط واستثمار الغاز الوطني وينظم عمليا الطاقة الإنتاجية والتصديرية التي تقدر بأكثر من 4.6 ملايين برميل يوميا.
وبيّن عواد، أن “العراق يمتلك 530 تركيبا جيولوجيا تضم احتياطات نفطية كبيرة، فضلاً عن وجود 115 موقعا تم حفرها حتى الآن، وتقدر احتياطاته بنحو 311 مليار برميل”.
وأضاف أن “الكميات الضخمة من الاحتياطي النفطي الموجودة في العراق تساهم إلى حد كبير في تحسين عمليات الإنتاج لأن البلد يحتوي على أكثر من 80 حقلاً، بينما يقتصر الإنتاج على جزء منها، مما يعني أن تطبيق قانون النفط والغاز سيحقق للعراق عوائد نفطية كبيرة من خلال فتح مجالات الإنتاج والاستخراج النفطي مع الأخذ بعين الاعتبار قرارات منظمة أوبك، وتحقيق الاتفاقات الدولية مع البلدان المستهلكة”.