أكد الصحافي الإسرائيلي ناحوم برنياع، في مقال كتبه في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، أنّ صباح الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، يوم إطلاق المقاومة الفلسطينية معركة “طوفان الأقصى”، كان “الأصعب والأشدّ مرارةً” منذ “إنشاء” الكيان الإسرائيلي.
وفي إشارة إلى الآثار طويلة الأمد لـ”طوفان الأقصى”، أكدت الصحيفة أنّ الـ7 من الشهر الماضي “ليس له تاريخ انتهاء”، مشدّدةً على “عدم القدرة على تصوّر حجم الرعب وأبعاد الضرر (بالنسبة إلى “إسرائيل”)”.
وأضافت الصحيفة أن “هذا هو الفارق، ربما، بين الحادثة والكارثة. في الحادثة، تطمح إلى العودة إلى الواقع الذي كان قبلها. أما في الكارثة، فيجب إعادة التفكير في المسار”.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ “إخفاق الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي يخيّم على أعضاء مجلس الحرب المصغّر”، مؤكدةً أنّ المقارنة بـ”الكابينت”، الذي أُنشئ خلال حرب تشرين الأول/أكتوبر 1973، “تفتقر إلى الصلة”، واصفةً تلك الحرب بـ”الإخفاق الأول”.
وفي هذا الإطار، قالت “يديعوت أحرونوت” إنّ رئيسة الوزراء الإسرائيلية حينها، غولدا مائير، ورئيس أركان “الجيش” الإسرائيلي في ذلك الوقت، ديفيد إلعازار، “لم يتبادر إلى ذهنيْهما أنّ موتي أشكنازي (ضابط احتياط في “الجيش” الإسرائيلي) سيخرج إلى الاحتجاج، وستؤلَّف لجنة تحقيق، وستبدأ مرحلة تنتهي بسقوط الحكومة”.
وأوضحت أنّ رئيس الحكومة الحالي، بنيامين نتنياهو، ورئيس هيئة أركان “الجيش”، هرتسي هاليفي، “يعلمان بذلك”، مؤكدةً أنّ “نتنياهو يعمل على منع ما لا يمكن منعه”.
وفي حديثها عن الإخفاق الذي يخيّم اليوم على أعضاء “الكابينت”، قالت الصحيفة إنّه “يمكن بدء اللائحة بالجيش الإسرائيلي، ورئيس هيئة الأركان العامة، ورئيس أمان، والسكرتير العسكري، وبقائد الجبهة، وقائد الفرقة، الغائبين عن الحضور. ويمكن إكمال اللائحة برئيس الشاباك”.
ووفقاً للصحيفة، ربما “الأصح هو البدء بالمستوى السياسي”، الذي يشمل نتنياهو، ووزير الأمن يوآف غالانت، وبني غانتس وغادي آيزنكوت، والذين كانوا رؤساء أركان خلال الأعوام، التي “تجذّرت فيها المفاهيم الخاطئة بشأن حركة حماس، ورئيسها يحيى السنوار، والدفاع عن المستوطنات”.
وبحسب ما قالت، فإنّ جميع هؤلاء، باستثناء رئيس الحكومة، أعلن بأسلوبه أنّه “يتحمّل المسؤولية”.
“الجيش الإسرائيلي يسابق الزمن”
ويسابق “الجيش” الإسرائيلي الزمن، بحسب ما أضافت “يديعوت أحرونوت”.
وأشارت أيضاً إلى أنّ نتنياهو “تفاخر هذا الأسبوع بمجيء جنرالات من كل أنحاء العالم إلى “إسرائيل”، من أجل التعلم من إنجازات الجيش الإسرائيلي المدهشة في الحرب”، على حدّ قولها، إلّا أنّ الحقيقة هي أنّ هؤلاء الجنرالات أتوا بهدف الحصول على جواب عن “الأحجية”، التي تشغل منذ شهر المنظومتين العسكرية والسياسية في العالم.
ومفاد هذه الأحجية: “كيف أخفق جيش مدّرب إلى هذا الحدّ، وغني ومجهّز إلى هذا الحدّ، إخفاقاً مميتاً في الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر؟”.
وفي حين بحث الكاتب عما سماه “انتصاراً”، يشمل إعادة كل الأسرى، والقضاء كلياً على حماس، وإبعاد حزب الله عن السياج في الشمال، وترميم المستوطنات فوراً، وتوفير الأمن في المستوطنات المهجورة، فإنّه أقرّ بأن “لا شيء من هذا القبيل في الأفق”.
“الإيرانيون عملوا على الأساس”
وتطرّقت الصحيفة إلى تقدّم محور المقاومة وتعاظمه، خلال الأعوام الماضية، مشيرةً إلى أنّ “إسرائيل”، أمام هذا التعاظم، في حاجة إلى الولايات المتحدة الأميركية ورئيسها، جو بايدن، “كما لم تكن في حاجة إليهما (من قبل) أبداً”.
وفي حين “عملت إسرائيل على الهوامش”، عمل الإيرانيون “على الأساس”، بما شمل التقدّم في المشروع النووي، وتسليح حلفائهم في لبنان وسوريا واليمن بصواريخ دقيقة، وتعزيز محور المقاومة، الذي يبدأ من طهران، ويمتدّ إلى دمشق وبيروت وصنعاء وغزة، وتعزيز علاقتهم بموسكو، وفق “يديعوت أحرونوت”.
ولفتت الصحيفة إلى تصريحات أدلى بها ممثلو حماس في قطر لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، قالوا فيها إنّ عملية “طوفان الأقصى” سعت لـ”إعادة طرح القضية الفلسطينية على الطاولة الدولية”، مؤكدةً النجاح في تحقيق ذلك.
من الناحية الأميركية، الرئيس “لا وقت لديه”، كما قالت الصحيفة، فالصور من قطاع غزة، والتي تُظهر الدمار بفعل العدوان الإسرائيلي، “تُعرّضه للنقد من جناح اليسار في الحزب الديمقراطي، وتقدِّمُه على أنّه خضع لإرادة حكومة إسرائيلية غير شعبية”. وحلفاء واشنطن في منطقة الشرق الأوسط “يقلقون على استقرار سلطاتهم”.
وسط كل ذلك، يتحدث وزير الأمن الإسرائيلي عن “قرارات صعبة” سيُضطر “الكابينت” إلى اتخاذها. ووفقاً لـ”يديعوت أحرونوت”، “لم يفصّل غالانت أي قرارات يعني في كلامه: المواجهة مع الإدارة الأميركية، أو وقف القتال على الأرض قبل أوانه؟ ورفض صفقة أسرى أو العكس، وتحرير أسرى فلسطينيين؟”.
في غضون ذلك، يزداد القلق في “إسرائيل” على مصير الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية، “كل يوم وكل ساعة”، بحسب الصحيفة، علماً بأنّ عدداً منهم قُتِل بفعل القصف الإسرائيلي، كما أعلنت المقاومة.
ورأت “يديعوت أحرونوت” أنّ “إسرائيل”، خلال أسبوع، وأسبوعين كحد أقصى، ستُضطر إلى قبول وقف إطلاق النار”.
“المستوطنات تتفكّك”
وتحدّثت الصحيفة أيضاً عن التفكك الذي يصيب المستوطنات، التي “يمزّقها الجدل الداخلي”، بحيث يكون أحياناً “تدخلّ الشرطة مطلوباً”.
وأول من بدأ الانسلاخ الشبانُ، من عمر 12 إلى 18 عاماً، بحسب الصحيفة، بينما “يجد الآخرون صعوبةً في التكيّف مع البطالة”.
كما لفتت إلى وجود “فراغ قيادي”، بحيث “كان من الممكن توقّع أن تعيّن الكيبوتسات قائداً للذين يُخْلونها، إلا أنّ هذا الأمر لم يحدث”.
وأكدت الصحيفة أنّ الحكومة “بطيئة وضعيفة، وأحياناً معادية أيضاً”، مشيرةً إلى أنّ “الوضع يَدينها، وأنّ الخراب الذي خلّفه الـ7 من تشرين الأول/أكتوبر سيستغرق إصلاحه أعواماً”.