أبعاد
حذّرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، يوم الجمعة، البنوك المركزية في أنحاء العالم من التسرع بتخفيف إجراءاتها الرامية إلى مواجهة التضخم، بعد إعلان البنك المركزي الأميركي تثبيت أسعار الفائدة قبل يومين.
وصرحت غورغييفا للصحافيين في العاصمة الكورية الجنوبية، سيول، بأنه «في بعض الأحيان تتعجل بعض الدول في إعلان النصر، ثم يترسخ التضخم بشكل أكبر ويصبح من الأصعب محاربته». وأضافت في تصريحات نقلتها وكالة «بلومبرغ»: «لا تتعجلوا القفز».
وأبقى مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)، هذا الأسبوع، أسعار الفائدة خلال الاجتماع الثالث على التوالي، ليعطى أوضح إشارة حتى الآن على انتهاء حملته القوية لرفع المعدلات من خلال توقع سلسلة من عمليات خفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل.
وقرر مسؤولو المجلس، بالإجماع، الإبقاء على النطاق المستهدف لأسعار الفائدة الأساسية بين 5.25 و5.5 في المائة، وهو أعلى مستوى منذ 2001. وأشار صانعو السياسة إلى عدم رفع أسعار الفائدة مجدداً في توقعاتهم لأول مرة منذ مارس (آذار) 2021، بناء على التقدير المتوسط.
وقالت غورغييفا إن مجلس الاحتياطي الأميركي كان صائباً في قراره بناء على البيانات الأميركية، ولكن لا بد أن تدرس البنوك المركزية الأخرى أوضاعها الخاص. وأوضحت: «الآن التضخم يتراجع أو يتباطأ، ولكن بدرجات مختلفة في كل دولة، ولا بد أن تقوم البنوك المركزية بإجراء عملية معايرة لإجراءاتها حسب ظروفها المحلية».
وذكرت أن المعركة ضد التضخم وصلت الآن إلى «الميل الأخير»، ونصحت البنوك المركزية بعدم التحرك بشكل أسرع مما تسمح به البيانات المتاحة.
وتزور رئيسة صندوق النقد الدولي العاصمة الكورية الجنوبية، سيول، هذا الأسبوع للمشاركة في مؤتمر مشترك مع البنك المركزي الكوري حول الأموال الرقمية.
وفي غضون ذلك، صرح فرنسوا فيليروي دي غالو، محافظ البنك المركزي الفرنسي وعضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، بأن الخطوة المقبلة للمركزي الأوروبي سوف تكون خفض أسعار الفائدة، ولكن البنك سوف يتحلى بالصبر ويسترشد بالبيانات بدلاً من الأسواق، أو الالتزام بتواريخ محددة.
وصرح دي غالو (الجمعة)، في مقابلة مع راديو «إيكوراما» بأنه «باستثناء الصدمات أو المفاجآت، انتهى رفع أسعار الفائدة، ولكن ذلك لا يعني خفض أسعار الفائدة بسرعة… نحن لا نسترشد بجدول زمني، ولكن بالبيانات».
وأضاف أن «انحسار التضخم يمضي أسرع قليلاً من المتوقع؛ لأن تغير السياسة النقدية يتم أسرع قليلاً من المتوقع، وبمعنى آخر فإن السياسة النقدية فعالة».
وذكر محافظ المركزي الفرنسي أن الميل الأخير لخفض التضخم لن يكون بالضرورة أصعب من الطريق التي تم قطعها بالفعل. وسلط الضوء على أن «انحسار التضخم في منطقة اليورو يتم بشكل عام، بما في ذلك معدل التضخم الرئيسي».
وأشار إلى أنه «في الجبال، توجد قمم، ومنحدرات، وهضاب، واليوم نحن على هضبة، ولا بد أن نعطى أنفسنا وقتاً للاستمتاع بالمشهد وتثمين نتائج السياسة النقدية».
وبدوره، صرح ماديس مولر، عضو مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي، بأن الأسواق المالية تتسرع في الرهان على أن البنك سوف يبدأ خفض أسعار الفائدة خلال النصف الأول من العام المقبل.
وقال مولر، وهو أيضاً محافظ البنك المركزي في إستونيا، إنه «لا يوجد سبب يدعو للنظر في رفع أو خفض أسعار الفائدة في المستقبل القريب».
وأضاف في تصريحات لوكالة «بلومبرغ» أنه «لا بد الآن، قبل أي شيء، من التحلي بالصبر قبل اتخاذ القرارات المقبلة من أجل الحصول على إشارات أوضح على أن معدل التضخم في منطقة اليورو سوف ينخفض بشكل دائم إلى 2 في المائة خلال فترة زمنية معقولة».
واستطرد: «في الوقت نفسه، من الصعب الاعتقاد بأن البنك المركزي يمكنه تحقيق مثل هذا الشعور بالثقة بالسرعة التي يتوقعها المستثمرون في الأسواق المالية».
يذكر أن البنك المركزي الأوروبي قرر يوم الخميس الإبقاء على معدل الفائدة الرئيسي في منطقة اليورو، دون تغيير، عند نسبة 4 في المائة، وذلك للمرة الثانية على التوالي.
ويشار إلى أن معدل التضخم انخفض أخيراً بشكل ملحوظ في منطقة العملة الأوروبية الموحدة، في حين تزداد المخاوف بشأن الاقتصاد.