طالبت منظمة هيومان رايتس ووتش بإعادة دمج أكثر من ألف طفل عراقي محتجز في العراق بتهم متعلقة بالإرهاب، فيما نفت جهات رسمية تلك المعلومات جملة وتفصيلا.
وجاء مطلب المنظمة تعقيبا على تقرير حديث للأمم المتحدة حول وضع الأطفال في النزاعات المسلحة بالعراق، في حين دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، السلطات العراقية إلى إطلاق سراح الأطفال.
وقالت بلقيس والي، المتحدثة باسم هيومان رايتس ووتش، إن الرقم الذي جاء في تقرير الأمم المتحدة “صادم”، نظرا لأنه يأتي بعد أكثر من 4 سنوات على انتهاء أغلب المعارك والمواجهات العسكرية مع داعش، التي اقتصر نشاطها الآن على هجمات متفرقة.
وأوضحت، في تصريحات خاصة لـ”الحرة”، أن القانون الدولي يحظر تجنيد الأطفال النزاعات المسلحة، وحال حدوث ذلك، فإنه يجب التعامل معهم كضحايا لا كمجرمين.
وأكدت والي أنها التقت بعدد من الأطفال المحتجزين في العراق بتهم الانضمام لداعش، مشيرة إلى أنها لم تر أي أدلة على ضلوعهم في أنشطة عنيفة، مطالبة بالإفراج عنهم فورا ومنحهم فرصة للتعافي واستكمال تعليمهم.
ودعت والي لإعادة الأطفال إلى مجتمعاتهم ولم شملهم مع أسرهم لاستكمال حياتهم الطبيعية، مضيفة أن مواصلة العراق لاحتجاز هؤلاء الأطفال هو أمر “مثير للقلق ومخالف للقانون الدولي”، بحسب تعبيرها.
وأوضحت رئيسة الدعم في قسم الأطفال بهيومان رايتس ووتش، جو باركر، في تعقيبها حول تقرير الأمم المتحدة، أن بعض الأطفال المحتجزين أقل من 9 أعوام، مشيرة إلى أن بعضهم أخبرها “أنّهم جُنّدوا للقتال مع التنظيم، بينما قال آخرون إنهم عملوا طهاةً وسائقين، أو فقط شاركوا في تدريب لبضعة أيام”.
وطبقا لباركر، فقد ذكر أحد المحتجزين، وكان يبلغ من العمر 17 عاما، أنه كان يعمل في مطعم بالموصل كان يخدم عناصر داعش، في حين قال آخرون أن لا علاقة لهم بالتنظيم، لكن لهم أقارب انضموا لداعش، فتمّ توجيه تهمة الإرهاب إليهم جميعا دون النظر إلى مدى تورطهم.
ووفقا لباركر، فإن أغلب الصِّبية قالوا “إنّ المحققين عذّبوهم لانتزاع اعترافات منهم، وتحدثوا عن تعرضهم للضرب بأنابيب بلاستيكية أو كابلات كهربائية أو قضبان، وأحيانا لساعات”.
وقال جميعهم تقريبا إنهم اعترفوا في النهاية بصِلاتهم بداعش، معتقدين أنّ ليس أمامهم أيّ خيار آخر، وفقا لباركر.
وقال الباحث والمحلل العراقي، علي البيدر، في اتصال مع موقع الحرة: “بغض النظر عن حجم الأعداد، فإن السلطات العراقية المختصة والجهات الأمنية لم تراع حقوق الإنسان في تعاملها مع هذا الملف”.
وأضاف: “الكثير من الأطفال دون الثامنة عشرة موجودين بسبب تقارير كيدية أو كانوا مجرد صغار قدر غرر بهم أو أجبروا تحت وطأة التهديد للعمل مع ذلك التنظيم الإرهابي”.
وحذر البيدر من نتائج الاحتجاز على الصحة النفسية للأطفال، قائلا: “يدخل الطفل بريئا إلى السجن ليخرج منه وقد تشبع بالأفكار المتطرفة والإرهابية، إذ أن السجون تتحول إلى بؤر لنشر الأفكار المدمرة بينهم”.
نفي رسمي
في المقابل، قال مستشار الشؤون الاستراتيجية في مستشارية الأمن القومي العراقي، سعيد الجياشي، إن السلطات العراقية لم تحتجز أطفالا بتهم الإرهاب أو شبهة الانضمام لداعش.
وأضاف: “بعد عمليات التحرير في محافظة نينوى، وجدنا مئات العوائل الأجنبية من النساء والأطفال الذين كانوا مع داعش، ودخلوا البلاد بشكل غير قانوني”.
ونوه الجياشي، في حديث مع “الحرة”، إلى أنه قد جرى إلقاء القبض على عدد من النساء وصدرت بحقهم أحكام قضائية، قائلا إن “الحكومة العراقية رعت أطفالهن بشكل إنساني، وتم الاتصال بدولهم بغية إعادة هؤلاء الصغار إلى بلدانهم الأصلية”، وهو ما حدث بالفعل في حالة بعض الأطفال.
وشدد الجياشي أن السلطات العراقية لم تصدر أي أحكام قضائية ضد أطفال، ولكن ضد نساء عضوات في التنظيم.
ومن ناحيته، أعرب مدير عام إصلاح الأحداث بوزارة العدل العراقية، كامل أمين، عن “استغرابه” من صدور هذا التقرير في مثل هذا الوقت.
وأضاف: “التقرير اعتمد على أرقام قديمة تعود إلى عام 2000 وخلط بين الأحداث الأجانب والأحداث العراقيين”، بحسب وصفه.
وأوضح أمين أن هناك أكثر من 1200 حدث تم تسفيرهم لبلادهم، بعضهم أنهى فترة محكوميته، وهناك 120 على الأقل مستعدين للسفر، وفي انتظار انتهاء الإجراءات من بلدانهم.
واتهم أمين التقرير بعدم الدقة، لأنه اعتبر الأطفال المتواجدين مع أمهاتهم من عضوات داعش متهمين، مؤكدا أن هذا ليس صحيحا.
ونفى أمين قطعا تعرض أي من الأحداث في دائرته للعنف والتعذيب.
وشدد أمين على أن “الأحداث العاملين مع داعش، والذين صدرت بحقهم أحكام قضائية هم 28 من الإناث و8 من الذكور فقط”، في حين لم يتم إدانة أغلب الأطفال دون الرابعة عشر، سواء كان عراقيا أم أجنبيا، في قضايا إرهاب.
وأضاف الأمين أن هناك حالات قليلة كان بها إدانات لأطفال أقل من 14 عاما، ولم تتجاوز الأحكام 6 أشهر من الحبس.
وقال أمين إن الملف برمته قد قارب على الانتهاء والإغلاق وأن الأعداد تتناقص باستمرار نتيجة لانتهاء فترات الأحكام، وأن آخر عملية تسفير للأحداث قد تمت الشهر الماضي، حيث أشرفت اليونيسيف على رجوع طفلين هولنديين إلى بلادهم.