شكلت قدرة الأطفال على تحمل أسوأ الآثار الناتجة عن فيروس كورونا أحد أكبر ألغاز الوباء، إلا أن هذا اللغز بدأ يتلاشى مع معرفة الأسباب، إذ كشف العلماء أن الأطفال يتمتعون بجهاز مناعة فطري أكثر فعالية من البالغين.
ورغم إصابة بعض الأطفال بالفيروس، إلا أن معظمهم يعانون من أعراض خفيفة أو لا تظهر عليهم أعراض على الإطلاق، وعلى عكس فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى مثل الأنفلونزا لا يصيب كورونا الأطفال بنفس القوة التي يصيب بها البالغين أو كبار السن.
فقد كشف كيفان هيرولد، أستاذ علم الأحياء المناعي والطب الباطني في جامعة ييل، في دراسة، أن الاستجابة الفطرية التي تشمل مخاطاً في الأنف والحلق يساعد على حبس الميكروبات الضارة، ويشبه ذلك الخندق المائي، مما يبعد المهاجمين.
وأضاف أن المناعة الفطرية تشمل أيضاً البروتينات والخلايا التي تحفز الاستجابة المناعية الأولية للجسم، مشبهاً ذلك بقذائف المدفعية التي يتم إطلاقها من الحصن بينما يبدأ العدو في الغزو.
إلى ذلك، أوضح أن خط الدفاع الثاني، وهو الجهاز المناعي التكيفي، يشمل الخلايا التائية والخلايا البائية، مشيرا الى أن الجهاز المناعي التكيفي يستغرق وقتاً أطول لبدء الاستجابة، ولكن يمكنه تذكر نقاط ضعف معينة في الغزاة السابقين، وأن المناعة الفطرية لا تمتلك نفس النوع من الذاكرة، إذ يعتمد ذلك على الأنماط المرتبطة بالميكروبات الضارة بشكل عام.
ووجد علماء المناعة أن أجهزة المناعة لدى الأطفال لديها مستويات أعلى من بعض الجزيئات الفطرية وزيادة الاستجابات الفطرية مقارنة بالبالغين، كما يعتقد الخبراء أن هذا أمر أساسي لمساعدة الأطفال على محاربة الفيروس الذي يسبب كوفيد 19 بشكل أفضل.
وكشفت دراسة هيرولدز التي قارنت 65 مريضاً شاباً و60 بالغاً أصيبوا بكورونا في مدينة نيويورك، أن الأطفال كانوا أقل اعتماداً على الجهاز المناعي التكيفي من البالغين، لأن لديهم استجابة فطرية أقوى.
كذلك، أظهرت مسحات من الأنف والحنجرة لـ 12 طفلاً و27 بالغاً، المزيد من الجينات النشطة المشاركة في المناعة الفطرية لدى الأطفال.
وأشارت الأبحاث الحديثة إلى أن خطر إصابة الأطفال بفيروس كورونا يبدو مشابهاً لخطر إصابة البالغين، ويبدو أن الأطفال أفضل في نشر الفيروس مما اقترحته الدراسات المبكرة.
من جهتها، قالت الدكتورة بيتسي هيرولد، طبيبة الأمراض المعدية للأطفال في مستشفى الأطفال في مونتيفيوري في برونكس، إن بعض الأطفال يحتاجون إلى دخول المستشفى عند إصابتهم بكورونا، مشيرة على أن بعضهم لا يزال يعاني من الأعراض بعد فترة طويلة من التخلص من الفيروس.
ويتعرض الأطفال أيضاً لخطر الإصابة بمتلازمة الالتهاب متعدد الأجهزة، أو MIS-C، وهي حالة نادرة يمكن أن تحدث عند الأطفال بعد عدة أسابيع من الإصابة بعدوى كورونا.