بعدما طوى العراق مرحلة حاسمة ومصيرية استمرت لسنوات من خلال دفع تعويضات للكويت وخروجه من إجراءات الفصل السابع، فتح ذلك الباب أمام تحرك أمواله المجمدة في الخارج التي لم تعرف قيمتها حتى الآن بسبب سياسات النظام السابق، ومنها تسجيل جزء من تلك الأموال بأسماء أشخاص ،الأمر الذي يصعب استرجاعها.
مختصون وخبراء اقتصاديون أكدوا أن خروج العراق من البند السابع سيحرك تلك الأموال التي يطالب بها العراق منذ سنوات، لرفد الموازنة بمبالغ من الممكن استثمارها بمشاريع خدمية وتطوير القطاع الزراعي والصناعي والتجاري وبناء اقتصاد سليم.
وقال مستشار رئيس الوزراء مظهر محمد صالح في تصريح صحفي، إن “هناك أموالاً عراقية تقدر بـ2.7 مليارات دولار معلقة بدعاوى أو حجوزات قضائية أقامها دائنون تجاريون على العراق”، مبيناً ان “هذه الأموال هي من أرصدة العراق الخارجية التي جمدت في العام 1990”.
وأضاف أن “قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483 في اذار 2003، قد طالب المصارف والجهات الرسمية الدولية بتحرير الارصدة المجمدة للعراق وايداعها في حساب حكومة العراق المسمى (صندوق تنمية العراق DFI) والمفتوح لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، واستثنى القرار وقتها الاموال المحجوزة أو المجمدة التي تعود للعراق وهي تحت طائلة الدعاوى القضائية في حينها”.
فيما اكد الخبير الاقتصادي والأكاديمي أحمد صدام أن “مسألة الاموال المجمدة واسترجاعها هي مسألة صعبة للغاية “، مبيناً أن “هناك طلبات من قبل وزارة العدل لدول متعددة لاسترجاع تلك الاموال”.
وتوقع صدام أن “يتم استرجاع الاموال المسجلة رسميا باسم الحكومة، أما الاموال المسجلة باسم أشخاص فمن الصعب معرفة جنس هذه الاموال ومصدرها ،ومن الصعب أن يكون هناك افصاح من البنوك الخارجية عنها”.
وشدد على “ضرورة ان تكون هناك سياسة اقتصادية نحو كيفية استغلال هذه الاموال، وخاصة في مجال المشاريع التي تخدم الاقتصاد العراقي”، لافتا الى أن “قيمة هذه الاموال تقدر بنحو المليار ونصف المليار دولار”.
وأكد أنه “لا توجد هناك احصائية دقيقة حول هذه الاموال، لأنه في فترة النظام السابق سجلت هذه الاموال بأسماء شركات وأفراد”، لافتا الى ان “هناك مبالغ مالية مهربة للخارج من الممكن أن تقدر حسب تصريح رئيس الجمهورية برهم صالح بحدود 150 مليار دولار سنوياً منذ عام 2003 الى اليوم وهذا يشير الى تسرب كبير للموارد للخارج”.
تعويضات الكويت
واوضح صدام ان “سداد تعويضات الكويت البالغة 52 ملياراً و400 مليون دولار ستتيح مرونة اكثر للموازنة المقبلة”، موضحاً أن “هذه المبالغ المخصصة يمكن أن تحول لمشاريع استثمارية وانتاجية وهو متنفس جديد للموازنة المقبلة “.
فيما قال الخبير الاقتصادي باسم انطوان ان “هناك مجموعة مقترحات بشأن مبالغ تعويضات الكويت أحدها هو أن تذهب لصندوق سيادي أو للاعمار او تتراكم سنويا لتشكل رصيدا احتياطيا للعراق، تستخدم في فترة العجز”.
وعن الاموال المجمدة، بين أن “هذه الاموال لا يمكن حصرها لأنها مشتَّة كون النظام السابق وضع الكثير من هذه الاموال في شتى البنوك واكتشفت مع مرور الزمن عن طريق الاستعانة بالكثير من الشركات الحقوقية والاقتصادية”، موضحاً أن “هذه الاموال ستوضع بعد اعادتها بصناديق سيادية”.
وبين أن “هناك مبالغ كبيرة وضعها النظام السابق بأسماء اشخاص يتجاوزون من 30 الى 40 شخصا بقيمة لا تقل عن 500 مليون دولار”، مشيراً الى أنه “من الممكن الاستفادة من هذه الاموال وجمعها لتحسين الوضع المعاشي وبناء المشاريع الخدمية والقيام بالبنية التحتية للشعب العراقي وتطوير القطاع الزراعي والصناعي والتجاري وتقليص الاعتماد على الريع النفطي لبناء اقتصاد سليم أسوة بباقي دول المنطقة”.
بالمقابل، ذكرت الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم إن “على الدولة اتباع نهج تنموي لاستثمار الاموال التي كانت مخصصة لتعويضات الكويت من اجل خدمة العراق لاسيما أنه نجح في سداد قيمة المديونية من الموارد المتاحة لنا”.
وتساءلت سميسم: “هل يمكن تغيير موازنة 2022 بتغيير هذه الموارد الجديدة المتاحة، وهل ستتبع الدولة سبلاً تنموية؟”.
وأعلن وزير الخارجية فؤاد حسين، خروج العراق من اجراءات الفصل السابع، بعد دفع كامل التزاماته المالية، فيما اكد ان العراق لم يعد مطالباً بدفع أي مبالغ مالية إضافية مستقبلاً.
وقال حسين في كلمة العراق في مجلس الأمن خلال الجلسة المخصصة للاستماع لإحاطة رئيس مجلس إدارة الأمم لجنة المتحدة للتعويضات، نسخة منها، أن “العراق اليوم يَطوي صفحة مُهمة من تاريخه استمرت أكثر من ثلاثين عاماً”، لافتاً الى أن “العراق يسعى إلى تعزيز أطر التعاون مع المجتمع الدولي”.
وأضاف أن “العراق قد سدد آخر دفعة وفقاً لالتزاماته المالية ودفع كامل مبلغ التعويضات الواجبة”، مؤكداً أنه “لم يعد العراق مطالباً بدفع أي مبالغ مالية إضافية مستقبلاً”.
وأشار إلى أن “الحكومة العراقية تؤكد أن العمل مع لجنة الأمم المتحدة للتعويضات كان نموذجاً ناجحاً للعمل المتعدد الأطراف”، مبيناً أن “العراق استمر بالإيفاء بهذه الالتزامات بالكامل وفقاً للجداول الزمنية”.
وأوضح أن “حكومة العراق تَنظر إلى أن الإيفاء الكامل لالتزاماتها الدولية تجاه المجتمع الدولي ودولة الكويت الشقيقة بمثابة تطور كبير”، مشيرا الى أن “العراق سعى لاكمال هذا النموذج الفريد لإخراج العراق من كافة إجراءات الفصل السابع”.
وتابع أن “العراق يتطلع في أن ينعكس إغلاق هذا الملف بشكل إيجابي على علاقاته الإقليمية والدولية”، مضيفا: “نُبارك للشعب العراقي وحكومته إنهاء الالتزامات الدولية وخروج العراق من إجراءات الفصل السابع”.
وأكدت بعثة الأمم المتحدة في العراق، أن مجلس الأمن أنهى تفويض لجنة التعويضات.
وذكرت البعثة في تغريدة على “تويتر” أنه “معلمٌ تاريخيّ لشعب العراق اليوم: مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يُنهي تفويض لجنة التعويضات في ما يتعلق بتعويضات العراق للكويت”.
واضافت أن “العراق جديرٌ بالثناء لتعاونه الكبير في الوفاء بالتزاماته وإبداء حسن الجوار”.
ونص قرار مجلس الأمن الدولي المرقم (2621) بخروج العراق من طائلة الفصل السابع بإيفاء العراق بجميع التزاماته الدوليَّة بموجب الفصل السابع، ما أثمر عن خروجه من الفصل السابع بأثر فوري، وغلق لجنة وصندوق التعويضات العراقية للكويت في نهاية هذا العام.