أبعاد/ كاتب: طلال بركات
طلال بركاتفي البداية قام الرئيس الامريكي جو بايدن بتضخيم مشكلة اوكرانيا وباع من العنتريات كأن الصواريخ وحاملات الطائرات جاهزة عند اول رصاصة يطلقها بوتين على اوكرانيا وظهر ان تلك العنتريات الفاشوشية حجة للتغطية على تنازلاته وانبطاحه لايران في مفاوضات فيينا على اساس انه لا يعير اهمية الا للكبار من اجل التفرغ للدب الروسي والتنين الصيني الا انه ظهر لا يحسن التعامل لا مع الكبار ولا مع الصغار لان سياسة الخيار الواحد او خلطة الحل الدبلوماسي لكل الازمات جعلت امريكا في موقف مذل ومهان لان سياسة الحزم والقرارات الشجاعة من واجبات الدول الكبرى التي تقع على عاتقهم مسؤولية الامن والسلم الدوليين كما فعل الرئيس الامريكي الاسبق جون كنيدي في ازمة صواريخ خليج الخنازير في كوبا عام 1961 .. مما يعني ان مواقف امريكا المتذبذبة افقدت مصداقيتها امام العالم كونها دولة عظمى، لهذا كثير من الدول وخصوصاً الحلفاء الدائمين لم يعد تحملهم انتهازية امريكا وتخليها عن شركائها التقليديين، كما حصل في هروبها المفاجئ من افغانستان وانسحابها من العراق الذي سلمته الى ايران، وكذلك سوريا التي ملأت روسيا الفراغ، وايضا تخليها عن حلفائها من العرب التقليديين لهذا نجد تراخي عربي عن دعم بايدن في حملته لمواجهة روسيا ومنها مصر التي كانت حليف استراتيجي لامريكا في عهد الرئيس مبارك اما الان فقد عمقت علاقاتها السياسية والعسكرية والتجارية والسياحية مع روسيا، ولم يختلف الأمر مع دول الخليج العربي ومعانات التجاهل الأميركي لامنهم القومي والتهافت على توقيع الاتفاق النووي مع إيران بالرغم من سياسة ايران المزعزعة للأمن والسلم في المنطقة، علاوة على غض الطرف عن التعنت الحوثي في اليمن وإلغاء الرئيس بايدن تصنيف “الحوثيين” حركة إرهابية،
لذلك وقعت السعودية عقوداً عسكرية مع روسيا لتزويدها أنظمة دفاع جوي متقدمة وأسلحة برية وصاروخية، وكذلك المشاركة مع الصين في تصنيع الصواريخ ونقل التنقية من غير شروط مقيدة مثلما تفعل امريكا .. وايضاً تركيا وهي عضو في حلف الناتو وفيها قاعدة كبيرة وحضور عسكري امريكي كبير، وعندما شعرت بمواقف امريكا الانتهازية وسعت قنوات التواصل والتعاون مع روسيا والصين، والاكثر من ذلك تحديها لاميركا وحلف الناتو بشراء منظومة “أس-400” الصاروخية للدفاع الجوي من روسيا .. فضلاً عن إسرائيل التي تعتبر من أقرب حلفاء أميركا وأكثرها اعتماداً على المظلة الأميركية، حتى وجدت نفسها مضطرة في الاونة الاخيرة في التنسيق مع موسكو لمواجهة خطر الميليشيات الإيرانية على حدودها مع سوريا ولبنان خصوصاً بعد انبطاح ادارة بايدن لايران وشحذ موافقتها من اجل العودة الى الاتفاق النووي .. مما يعني ان انحسار الدور الامريكي في السياسة الدولية أفقد ثقة الحلفاء قبل الاصدقاء، على خلاف مواقف روسيا التي اثبتت للعالم مصداقيتها مع الحلفاء .. لهذا يمكن اعتبار هذا التراجع بداية لانهيار التفوق الامريكي لانه على ما يبدو ان العجوز الامريكي يعيش عقدة الانتخابات وان هوس سياسته انصبت في مواجهة الحزب الجمهوري وتفتيت قرارت الرئيس ترامب لضمان الفوز في الجولة القادمة وغير ذلك ليذهب الجميع الى الجحيم الا ان مؤشر الاستطلاعات تشير الى انه سوف يذهب الى الجحيم .