يتوقع مصرف غولدمان ساكس أن تصل أسعار النفط الخام إلى 140 دولاراً للبرميل خلال الأشهر المقبلة. فيما قال مصرف جي بي مورغان إن الأسعار قد تصل إلى 380 دولاراً في أسوأ السيناريوهات. أما مصرف يو بي إس فيتوقع بلوغ الأسعار حاجز الـ130 دولاراً في أيلول 2022.
لكن توقعات مصرف سيتي بنك تخالف هذا الاتجاه. حيث يتوقع الخبراء الاستراتيجيون في المصرف أن تتراجع أسعار النفط بشكلٍ حاد نهاية عام 2022 مع اقتراب الأسعار من حاجز الـ100 دولار للبرميل يوم الجمعة الثامن من يوليو/تموز 2022، وذلك وفق تقرير نشره موقع Business Insider الأمريكية السبت 9 تموز 2022.
تحذيرات من انهيار سعر النفط
حذّر فرانشيسكو مارتوشيا، رئيس استراتيجية السلع الأوروبية بالمصرف، في مذكرةٍ للعملاء يوم الثلاثاء الخامس من تموز أن أسعار النفط قد تهوي إلى 65 دولاراً للبرميل بحلول ديسمبر/كانون الأول 2022 إذ ضرب العالم ركودٌ شديد.
يذكر أن أسعار النفط انهارت في اليوم نفسه مع انخفاض سعر خام غرب تكساس الوسيط، الخام القياسي في الولايات المتحدة، إلى أقل من 100 دولار. وجاء الانخفاض بالتزامن مع قلق المستثمرين من أن رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة قد يؤدي لتباطؤ حاد في النمو الاقتصادي.
لكن مارتوشيا ورفاقه يتوقعون انخفاض أسعار النفط حتى لو لم نشهد حالة التباطؤ الحاد. وتُشير توقعاتهم الأساسية إلى أن سعر خام برنت القياسي سينهار إلى 85 دولاراً للبرميل بنهاية عام 2022 أي أقل بـ18% من سعر 104 دولارات المسجل يوم الجمعة.
تصدير روسيا للنفط
تعتمد وجهة النظر المغايرة لمصرف سيتي على توقعاته بأن روسيا ستواصل إنتاج وتصدير الخام، رغم العقوبات المنهالة عليها من الولايات المتحدة وحلفائها.
ربما يتوقع الكثير من المحللين أن صادرات الطاقة الروسية ستنخفض بشكلٍ حاد بنهاية عام 2022، في ظل حظر الاتحاد الأوروبي التدريجي للمشتريات الروسية. كما تدرس مجموعة السبع طرق وضع سقفٍ لأسعار النفط الروسي، مما قد يؤدي لتراجع الصادرات أكثر.
تعتمد هذه الفكرة على منطقٍ بسيط، وهو أن عجز روسيا عن بيع نفطها سيدفعها لوقف الإنتاج. وسيتنافس حينها المشترون على ما تبقى من الإمدادات العالمية، فترتفع أسعار النفط أكثر.
لكن مصرف سيتي يتبنى وجهة نظرٍ مختلفة. إذ يعتقد محللو المصرف أن مشتريات الهند والصين من النفط الروسي ستزيد، مما سيساعد روسيا على ضخ المزيد من النفط، ويخفف بالتبعية الضغط على الأسواق العالمية.
أوضح مارتوشيا: “لا نرى أي انكماش إمدادات مرتقب في الأفق”.
انخفاض صادرات النفط لأوروبا
من جانبه، توقع المصرف أن صادرات النفط الخام للدول الأوروبية في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ستنخفض من 2.5 مليون برميل يومياً في الربع الأول من العام، إلى 970.000 برميل يومياً في الربع الرابع.
لكن المصرف يعتقد أن الصين ستزيد وارداتها من 1.4 مليون إلى 2.3 مليون برميل يومياً، بينما ستزيد الهند مشترياتها من 110.000 برميل إلى 950.000 برميل يومياً. كما ستزيد الدول النامية الأخرى مشترياتها بشكلٍ بسيط، مما يعني أن روسيا ستصدر النفط الخام في نهاية 2022 بكميات أكبر من تلك التي بدأت بها العام نفسه.
أضاف مارتوشيا: “أشك في أن الحكومات ستصم آذانها عن احتياجات بلادها من الطاقة، لأننا شهدنا بالفعل احتجاجات وأعمال عنف في مختلف دول العالم بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية والطاقة”.
هدوء أوضاع الاقتصاد العالمي
يعتبر الطلب هو العامل الرئيسي الآخر المؤثر في أسعار النفط. ويعتقد مصرف سيتي أن شهية العالم للنفط ستخف في الأشهر المقبلة مع هدوء أوضاع الاقتصاد العالمي.
قال مارتوشيا إن أوروبا تحديداً ستقلل استهلاكها للطاقة على الأرجح. ويتوقع العديد من خبراء الاقتصاد أن تدخل منطقة اليورو في مرحلة ركود، نتيجةً لارتفاع التضخم المدفوع بالزيادة الجنونية في أسعار الغاز الطبيعي. وبدأت ألمانيا بالفعل في تعتيم الإنارة بشوارعها لتوفير الطاقة.
يُعَدُّ التنبؤ بأسعار النفط لعبةً صعبة. حيث يقول العديد من المحللين كلاماً معاكساً لتصريحات مصرف سيتي، ويجادلون بأن الطلب سيزيد نتيجة تراجع الإنتاج الروسي بالتزامن مع انتعاشةٍ اقتصادية صينية، ومع عودة السياحة العالمية.
لهذا أوضح مصرف سيتي أنه يؤمن بوجود احتمالية 30% أن تقفز أسعار النفط عائدة لمستوى 120 دولاراً بنهاية عام 2022 وأوضح مارتوشيا: “من الصعب للغاية أن تكون لديك قناعة كبيرة بتوقعاتك في عام 2022”.