أثارت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية احتمال تدهور علاقات الولايات المتحدة مع السعودية بعدما قررت واشنطن “مراجعة” روابطها مع الرياض، في ظل قرار منظمة “أوبك+” خفض الانتاج النفطي مؤخرا حفاظا على استقرار الاسواق وهي خطوة اعتبرها الامريكيون معادية لخططهم مواجهة تداعيات ازمة الطاقة العالمية في ظل الحرب الروسية على اوكرانيا.
ولفت تقرير الصحيفة ترجمته وكالة شفق نيوز، الى ان السعودية استعانت بوزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي عادل الجبير الذي وصفته بانه احد اكثر دبلوماسيي السعودية خبرة، من اجل توصيل رسالة الى الأمريكيين بان القرار النفطي السعودي لا يستهدف الولايات المتحدة في وقت اصطف السياسيون الامريكيون لانتقاد الرياض.
وتحدث الجبير لقناة “فوكس نيوز” الامريكية بغية ايصال الرسالة السعودية حيث ذكر التقرير ان الرسالة التي بعثتها الرياض هي انها تصرفت على قاعدة ظروف السوق ومن اجل مصالحها الخاصة في مسعاها للحفاظ على اسعار النفط بهدف تمويل خطط الانفاق الحكومي الضخمة.
الا ان الصحيفة البريطانية اعتبرت ان كلمات السعودية “لم تلق اذانا صاغية” في وقت ينتقد الديمقراطيون السعودية، الحليف التقليدي للولايات المتحدة، لانها تجاهلت نداءات واشنطن بعدم خفض الانتاج.
وكان الرئيس الامريكي جو بايدن قال الثلاثاء انه “ستكون هناك عواقب” على السعودية بسبب موقفها لكنه لم يقدم تفاصيل اضافية، الا انه ادلى بتصريحاته هذه بعدما قال المتحدث باسم مجلس الامن القومي جون كيربي ان الادارة الامريكية تعيد تقييم علاقة واشنطن بالرياض “في ظل قرار اوبك”.
ونقلت شبكة “سي ان ان” الامريكية عن كيربي قوله ان بايدن مستعد للعمل الى جانب الكونجرس من اجل اتخاذ خطوات عقابية ضد السعودية.
وبحسب التقرير البريطاني، فإن قرار خفض الإنتاج النفطي يظهر كيف ان السعودية في ظل حكم ولي العهد الامير محمد بن سلمان، تبدو اكثر استعدادا للمضي قدما بأجندتها الخاصة حتى لو انها تجازف باغضاب شركائها، مضيفة ان قرار “اوبك+” التي تضم روسيا ايضا، يشكل مقامرة ايضا لان القرار بخفض اهداف الانتاج مليوني برميل يوميا، الحق اضرارا اكبر بصورة المملكة السعودية داخل الولايات المتحدة.
ولفت التقرير الى ان الموقف السعودي استقبل في واشنطن على انه ازدراء لبايدن قبل الانتخابات النصفية في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، وذلك في ظل زيادة التضخم العالمي، مضيفا ان القرار اثار ايضا مخاوف واشنطن بشأن علاقة الرياض بموسكو فيما صعد فلاديمير بوتين حربه ضد اوكرانيا.
وذكر التقرير بان الرئيس الديمقراطي للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بوب مينينديز كان دعا ادارة بايدن يوم الاثنين الماضي، الى ان “تجمد فوري لجميع جوانب تعاوننا مع السعودية ، بما في ذلك مبيعات الاسلحة والتعاون الامني”، قائلا
انه لن يؤيد “اي تعاون مع الرياض الى ان تعيد المملكة تقييم موقفها فيما يتعلق بالحرب في اوكرانيا”. واضاف “لقد طفح الكيل”.
وبحسب التقرير فإن الرياض بينما اكدت على ان جميع اعضاء “اوبك +” البالغ عددهم 23 يؤيدون قرار الخفض، الا ان دولة، اقرب شريك عربي لها، وكذلك العراق، اعربتا عن مخاوفهما، وان الامارات بعدما فشلت في منع القرار، سعت الى طرح اقتراح اخر يتمثل في تأخيره، وانما من دون جدوى، مشيرا الى ان وزير الطاقة الاماراتي ونظيره العراقي اتفقا في وقت لاحق على مواكبة الخفض ودافعوا عنه بعد الاجتماع.
وتابع التقرير ان ما جرى سلط الضوء على التوترات في العلاقة المستمرة منذ عقود بين الرياض وواشنطن، في حين يقول محللون ان العلاقات تركزت تاريخيا على الروابط الشخصية التي تجمع بين الرئيس الامريكي والملك السعودية، الا انه حاليا تعاني من انعدام الثقة والتوتر.
وبعدما اشار التقرير الى انه لا توجد علاقة تقريبا بين محمد بن سلمان وبايدن الذي كان هدد بتحويل السعودية الى دولة منبوذة، نقل عن خبير شؤون الخليج في معهد “تشاتهام هاوس” سنام وكيل قوله ان “اللمسة الشخصية ليست موجودة وليس لديهما ادراك كاف لحاجات بعضهم البعض والمناخ السياسي والثقافة على كلا الجانبين”.
وذكر التقرير بانه بعد الاجتماع الذي جمع محمد بن سلمان وبايدن في يوليو/ تموز الماضي، فان المسؤولين الامريكيين اعربوا عن تفاؤلهم بان السعودية ستقوم بزيادة انتاج النفط، الا ان المسؤولين السعوديين قالوا ان بلادهم لم تقدم مثل هذا التعهد.
ونقل التقرير عن المعلق السعودي علي الشهابي، المقرب من الديوان الملكي، قوله ان “ما وعدت به السعودية هو ان تبذل قصارى جهودها من اجل منع وصول النفط الى 200 دولار وفعلت ذلك من خلال زيادة الانتاج في الصيف”.
الا ان الشهابي كشف انه قبل اجتماع “اوبك +”، تقدم مسؤولون امريكيون باقتراح لتاجيل قرار التخفيضات الى ما بعد انتخابات الكونجرس، غير ان السعودية رفضت ذلك.
ونقل التقرير عن مسؤول امريكي قوله انه “خطأ بشكل مؤكد”.