أبعاد
كتب / محمد عبد الجبار الشبوط
الدستور العراقي يلزم رئيس مجلس الوزراء بتقديم “المنهاج الوزاري” قبل الحصول على ثقة مجلس النواب. تقول المادة ٧٦ من الدستور: “رابعا، يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف اسماء اعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزا ثقتها ،عند الموافقة على الوزراء منفردين ،والمنهاج الوزاري، بالأغلبية المطلقة.”
الزمن هو العنصر الثالث في المركب الحضاري للدولة والمجتمع. والعناصر الاخرى هي الانسان نفسه (الشعب)، والارض (الوطن)، ثم العلم والعمل. وتحف بهذه العناصر الخمسة منظومة القيم العليا التي تمثل مؤشرات السلوك الفردي والجماعي والحكومي ازاء هذه العناصر الخمسة.
واذا كان رئيس مجلس الوزراء يفكر ويخطط ويعمل بطريقة حضارية علمية حديثة، فان عليه ان يدخل حساب الزمن في منهاجه الوزاري، ولا يترك الامور سائبة زمنيا.
ويتحقق ذلك من خلال توزيع اهداف حكومته على الزمن المتاح له في السلطة. وهو بالنسبة لحكومة محمد شياع السوداني حوالي ثلاث سنوات فقط. ذلك ان ولاية الحكومة تنتهي بانتهاء ولاية مجلس النواب الحالي. تقول المادة (٥٦) من الدستور:
“اولاً، تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنوات تقويمية، تبدأ بأول جلسة له، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة . ثانياً :- يجري انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسةٍ واربعين يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة.”
انعقدت الجلسة الاولى لمجلس النواب الحالي في يوم ٩ كانون الثاني من عام ٢٠٢٢. وهذا يعني ان عمر المجلس الافتراضي سوف ينتهي في يوم ٨ كانون الثاني من عام ٢٠٢٦. قبل ذلك ب ٤٥ يوما سوف تجرى الانتخابات الجديدة. لا يمكن الحديث عن تمديد ولاية مجلس النواب لان هذه الاجراء غير مذكور في الدستور.
وبحلول ذلك اليوم تنتهي ولاية الحكومة وتتحول الى حكومة تصريف اعمال لحين تشكيل الحكومة الجديدة الامر الذي قد يستغرق عدة اشهر. وايضا لا يصح الحديث عن تمديد ولاية الحكومة بوصفها حكومة ذات صلاحيات كاملة لان هذا مخالف للدستور ايضا.
المهم في الامر ان على رئيس الوزراء ان يحدد ما باستطاعة حكومته انجازه خلال السنة الاولى من عمرها. وهذه هي المهام العاجلة. ويحدد المهام التي يتطلب انجازها ثلاث سنوات، وهذه هي المهام متوسطة المدى. ويحدد المهام التي يتطلب انجازها اكثر من ثلاث سنوات وهذه هي المهام بعيدة المدى. تقسم المهام على هذه المحاور الثلاثة يتوقف على امرين. الاول الحاجات الفعلية للشعب والمشخصة عبر استطلاعات دقيقة وعلمية للرأي العام وليس بطريقة اعتباطية او انطباعية او شخصية. والثاني القدرة الفعلية لهياكل الدولة على انجاز هذه المهام بصورة مباشرة او غير مباشرة حيث نعلم ان قيام الدولة باي عملي ينطوي على متطلبات ادارية ومالية ودراسات جدوى وربما الى تدخل تشريعي وغير ذلك. وهذا كلها تستغرق زمنا يضاف الى الزمن المطلوب لتنفيذ المشروع نفسه.
اذا وضع رئيس الوزراء منهاجه الوزاري على هذا الاساس الزمني، فان عليه ان يصارح الشعب بالابعاد الزمنية لتنفيذ المشاريع وتحقيق الاهداف حتى تبقى توقعات الناس ضمن هذه الابعاد الزمنية ولا تحلق في السماء فيما لا يمكن تحقيقه في الزمن المعطى والامكانيات المتوفرة والمتطلبات اللازمة.
وفي هذه الاثناء يتعين على مجلس النواب والاعلام والهيئات الشعبية مراقبة اداء الحكومة وفقا للمنهاج الوزاري المجدول زمنيا على اساس المحاور الثلاثة المذكورة. فاذا تطابقت حسابات الحقل مع حسابات البيدر كان بها، وامكن منح الحكومة شهادة النجاح. واما اذا كان حساب الحقل غير حساب البيدر، كان ذلك دليلا ملموسا على فشل الحكومة، وانا لله وانا اليه راجعون!