تقرير – أبعاد
أثار إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إجراء انتخابات مبكرة بعد عام واحد، وإطلاق مشاريع تنموية غزيرة بعيدا عن النفط، ضمن برنامجه الحكومي تساؤلات حول إمكانية تحقيق هذا، في ظل الوضع المعقد للبلاد الآن.
وتختلف تقديرات محللين سياسيين عراقيين في إجابة هذه التساؤلات، على حسب حجم “التكاتف” الذي سيجده السوداني وتوقيت إقرار الميزانية.
وصوّت مجلس النواب، على حكومة السوداني، مساء الخميس، بعد إعلان برنامجها الوزاري، والذي تضمن إصلاحات في قطاعات حيوية، كالكهرباء، وتحسين فرص العمل، وتعزيز التنمية الاقتصادية التي بدأها رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي.
ويرى القيادي في الإطار التنسيقي، عائد الهلالي، أن نجاح برنامج السوداني يشترط بأن يجد “تكاتفا من الجميع”، ويضرب أمثلة في الملف الأمني، مؤكدا انه “بحاجة إلى تعزيز وتنمية الخطط الموجودة”.
واضاف الهلالي أن “السوداني بحاجة إلى تعاون الكتل السياسية، ولن يتمكن من إحراز أي تقدم دون إسناد سياسي”.
وتابع “لا بد أن تلتزم الكتل السياسية بالاتفاقات التي عقدتها قبل تكليف السوداني وانتخاب رئيس الجمهورية”.
وأشار الهلالي الى، أن “الملف الاقتصادي سيكون ضاغطا كذلك على الحكومة وتحتاج فيه إلى الدعم، مثل توفير فرص عمل للشباب”.
ورأى، ان “يستعين السوداني على هذه الملفات بمشروع ضخم لتعزيز واردات الدولة وتنويع مصادر التمويل، بالاعتماد على مرتكزات أخرى غير النفط”.
وتحدث رئيس الوزراء الجديد بعد توليه مهام الحكومة، عن “تحول تدريجي من الاقتصاد الريعي عن طريق تحديث عمل الاقتصاد”، بالتركيز على طاقات الشباب في بناء الشركات الصغيرة والمتوسطة في الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والخدمات والبيئة؛ ما يوفر فرص عمل ويستقطب الاستثمار المحلي والعالمي.
بجانب الشق الاقتصادي، فإن تحريك المياه الراكدة في الساحة العراقية يحتاج كذلك إلى تحريك قوانين عطلتها الصراعات السياسية حول الانتخابات وتشكيل الحكومة منذ انتخابات أكتوبر 2021.
في هذا، ضمَّن السوداني برنامجه إصدار تشريع قانون مجلس الاتحاد وتشريع قانون المحكمة الاتحادية خلال 6 أشهر، مع تعديل قانون الانتخابات خلال 3 أشهر وإجرائها خلال عام واحد.
وقانونا مجلس الاتحاد والمحكمة الاتحادية من القوانين المعقدة التي مضت عدة أعوام، ولم يتمكن البرلمان من تشريعها بسبب الخلافات السياسية حولها.
ويرى محللون في الشأن العراقي صعوبة في تنفيذ هذا البرنامج بشكل كامل؛ مع تعقد البيئة السياسية، وتهالك البنية التحتية، وتفشي الفساد والمحسوبية التي تعطل أي رئيس وزراء عن تنفيذ إصلاحات “ثورية”.
الخبير في الشأن العراقي، رمضان البدران، يقول إن “سنة واحدة لا تكفي أمام هذا البرنامج الطويل والمركب، لكن أعتقد بأنه سيتم تنفيذ بعض الأولويات منه، وربما ليست هناك إشكالات كبيرة في المنهج، لكن المأزق في التنفيذ، بسبب الحاجة لزمن طويل، وإنفاق مالي كبير، ورقابة على هذا الإنفاق”.
ويستدل البدران بأن “السوداني عندما يفكر بإنفاق مبلغ 30- 40 مليار خلال عام، فهذا شيء كبير، وقد لا تتمكن الدولة من مراقبته، والبلاد غير مؤهلةٍ لهذا القدر من الإنفاق والمشاريع”.
وتبرز الموازنة المالية للعام المقبل، كأحد التحديات أمام حكومة السوداني، في ظل بقاء شهرين على تقديمها لمجلس النواب، تجنبا لسيناريو مخيف يتمثل في احتمال توقف صرف رواتب الموظفين، في حال عدم إقرارها.
في نفس الوقت، فإن الحكومة الجديدة لديها ميزة أنها تبدأ، وخزائن العراق تمتلك أكبر احتياطات مالية في تاريخها، بوصولها 84 مليار دولار مع قفزة أسعار النفط، ومتوقع ارتفاعها إلى 100 مليار بنهاية العام.