ابعاد
كتب / عبد الهادي مهودر…
لا أحد في العراق يعرف عدد العراقيين بالضبط ، مع اعتذاري للجهاز المركزي للإحصاء في وزارة التخطيط ، فمعظم الإحصائيات تقديرية والذنب ليس ذنبكم ونشهد أن في هذا الجهاز والوزارة عقول تدرك أن كل الحلول لابد أن تنطلق من الإحصاءات والبيانات الدقيقة قبل كل شيء لكن اليد قصيرة والعين بصيرة ، ومن دون إحصائيات علمية لايمكن أن تتحقق (النهضة) ويبقى الوضع أشبه (بگراج العلاوي)، ولذلك لانعرف بالضبط أعداد الإناث والذكور والعقلاء والمجانين والعاملين والعاطلين ( والفضائيين ) والصالحين والفاسدين ، وحين تحصل سرقة بحجم ( سرقة القرن ) لاغرابة ألاتعرف الحكومة حجم المال المنهوب وتستعين بشركة عالمية كبرى لأغراض التدقيق في الأمانات الضريبية والگمرگية ، فحتى ديوان الرقابة المالية المختص بالتدقيق لايعرف حجم المال المسروق وليس لديه رقم محدد وهذا هو الشيء المؤلم ، كما قال رئيس الوزراء في مؤتمره الصحفي الأخير ، والعلة ليس في من اقترح منع ديوان الرقابة من التدقيق وحسب بل بمن وافق ومرر حتى انكشفت الفضيحة وقططها السمان ، عسى أن تصلهم الهيأة العليا لمكافحة الفساد في القريب العاجل لنعرف أولاً الرقم الحقيقي لإجمالي الأموال المنهوبة من الأمانات الضريبية، فهذا الرقم المجهول أضيف الى قائمة أرقامنا السرية المنهوبة في بلد فيه اكثر من مليون شرطي ورجال أمن ومكافحة جريمة ومخابرات ومخبرين ، وهذا الرقم هو الآخر غير معروف إذا طرحنا منه الفضائيين والمستخدمين للإستعمال الشخصي والمنزلي وخدمة توصيل السيدة الى الدائرة والسوق والصالون وأولادها الى الروضة والمدرسة صباحا و ( المول والجم) مساءً، على سبيل المثال والتقدير لا الحصر ، وليس على الحكومة إذا ارادت اختصار الزمن وتحقيق إنجاز إلا بإختيار مسؤولين أمناء على الأمانات لأن كل الأمانات باتت في خطر وحتى لايصل الخطر الى أمانات ( الكيشوانية) فيعود حنين بلا خفين ، ولاشك أن مجهولية الأرقام وعدم وجود بيانات دقيقة هو السبب الأساس الذي يجعل العراق دولة مختلفة ومتخلفة عن جيرانها العرب ومحيطها الاقليمي والدولي على الرغم من وجود كل مؤهلات التقدم والنجاح البشرية والمادية ، أما السبب في غياب الإحصائيات والأرقام الدقيقة فهو لغياب الإرادة الجادة لوضع الحلول ، أما سبب غياب الإرادة الجادة فهو لكثرة المتضررين من الإحصاءات والتدقيقات ، أما سبب كثرة المتضررين فهو لتزايد أعداد اللصوص المستفيدين من الفوضى ، وسبب كثرة اللصوص بسبب وضع الشحمة المناسبة بيد البزون المناسب.