ابعاد
قاسم سلمان العبودي ||
العملية السياسية في العراق تعرضت الى التهشيم بمعاول الأجندات الخارجية والداخلية على حد سواء . وصول مصطفى الكاظمي رئيس الوزراء السابق الى أدارة الحكم في العراق كان آخر المعاول التي أذهبت بالعملية السياسية العراقية الى المجهول أو كادت .
هذا التحدي الكبير الذي واجهه ولايزال السيد محمد شياع السوداني الذي جاء بعد الأرهاصات الضخمة التي خلفها حكم ذلك المسمى مصطفى الكاظمي ، والتي توجت بأقتحام الخضراء والمقار الحكومية من قبل التيار الصدري .
لذا نقول أذا كان السوداني يريد أن يعيد العملية السياسية الى نصابها الطبيعي ومسيرتها الديمقراطية الصحيحة عليه أن يتخلى عن الأعتماد الخارجي وخصوصاً السفارة الامريكية وأدواتها الخليجية التي تحاول بشكلٍ وبآخر جر العراق الى المنظومة الخليجية التي أوغلت بالتطبيع مع الكيان الصهيونى ، تحت مسميات مختلفة ، مره أقتصادية وأخرى أمنية .
بداية تكليف السوداني شرع بكشف ملفات الفساد في محاولة منهُ للتناغم مع الرأي العام العراقي الذي خبر فساد بعض الطبقة السياسية ، ظناً منه ان هذا السلوك سيجمع الشعب العراقي حوله ، لكنه أصطدم بالدولة العميقة التي تدير عجلة الفساد والتي تحميها بعض الأحزاب المتنفذة ، مما أجبر السوداني على التراجع وبالتالي أُحرج أمام الشعب الذي توسم فيه الخير ، وخصوصا بعد أرتفاع سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية والذي ألهب أسعار السلع الأستهلاكية للمواطن العراقي ، الذي كان متوقعاً أن يعاد سعر الدولار الى سابق عهده أيام حكومة السيد عادل عبد المهدي .
الأطار التنسيقي هو الآخر متهم من قبل الشارع العراقي بإعتباره هو من أتى بالسوداني الى رئاسة الحكومة ، وعليه أثبات النوايا الحسنة للشعب الذي أذاق مر الذل والهوان في جميع بناه التحتية ولا يزال .
أذن التحدي الاكبر الذي يواجه حكومة السيد السوداني هو أستقلال القرار السياسي بعيداً عن التوازنات الأقليمية التي فشل فيها جميع رؤساء الوزراء في الحكومات السابقة . ما لم يكن هناك قرار وطني عراقي صحيح ، فأن التدخل الاميركي والأقليمي سيتجذر أكثر فأكثر ولن تستقيم العملية السياسية في العراق وسنعطي للآخر فرصة جديدة للأنقاض على ما تبقى حتى وأن كان نزر يسير .
المراهنة على تقديم الخدمات التي حرم منها الشعب العراقي ، رهان فاشل ، لأن من واجبات الحكومات في أرجاء المعمورة بأجمعها ، هو تقديم الخدمات الى شعوبها بلا منَّه منها على الشعب . نرى أن أستقلال القرار السياسي ، وتفعيل قرار البرلمان السابق بأخراج القوات الأجنبية ، هو المنجز الحقيقي الذي أذا تحقق ، ستصلح بهِ جميع الملفات العالقة والتي تمس حياة المواطنين الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية .