أبعاد
الكاتب- علي الخالدي ||
كل حرب عسكرية تخوضها الجيوش في اي مكان في العالم، تترك مشاهد وذكريات أليمة نتيجة فراق الاهل والاحبة، او بسبب موت بعضهم، او خسارة احدهم جزء من اعضاءه لعلة الإعاقة.
لكن ما رأيناه في مجاهدو الحشد الشعبي، أنهم يتسابقون على المشاهد السالفة الذكر، ويتبارزون للظفر بها، متخذون منها أوسمة شرف تزين الصدور، معتبرون اياها مزايا لهم، يزيدون عليها جمالية بالإيثار والعطاء، لأنها أساسا جزء من عقيدتهم التي لا يدانيها شيء، وتراثهم الاسلامي الذي تعيش فيه امتهم، ومتاحف فخر تجسد خزينهم المستقبلي الذي تقتدي به الاجيال التابعة، وأعلام نصر تحمله اكتافهم، وميادينهم مؤتمرات ثقافة وعلم وجهاد وصبر، يتطاولون بها مع الشعوب التي تعاصرهم، يبادلونها براءات الاختراع ونوادر الابداع.
الحشد الشعبي مقدس لقدسية رسالته الإنسانية الكاملة التي يؤديها، المليئة فيها صور الأُلهية والملكوت، فمن بين تلك الارواح الخيرة التي شاهدها العالم، مشهد ينقله احد المجاهدين، أثناء تحرير مدار ” سامراء” ، رجلاً طلب من المجاهدين ان يدخلوا بيته، فدخلوه دون أي سؤال أو تردد منهم فيه، فطلبوا منه أن يجيب على سبب ادخالهم المنزل، فكان جوابه عظيماً وعجيبا جداً! ان تشهد هكذا عمل، حيث قال لهم اريد ان اصبغ احذيتكم! وهذا عملي منذ سنين، ومن سرور فخري ودواعي عملي ان امسح واصبغ بساطيلكم واحذيتكم العسكرية، وفي منظر آخر أكثر عجبا، الله اكبر ياله من مشهد، هو وجود رجل في احد معسكرات ” جرف النصر” ضرير البصر منذ سنين، يمسك بندقية ويقضي واجبه واقفا كباقي المجاهدين، بمعية غلام صغير من عائلته جلبه ليساعده على التحرك.
ما سلف ليس كل المشهد بل هناك ما هو اعظم، ولكن عدم سعة المقال تم اقتصارها في موقعين فقط، ولتفسير ما تقدم أعلاه من صور تلألأت في نفوس مقاتلي الحشد الشعبي، ما هو إلا ملكات إلهية التصقت بأرواح المجاهدين، فاصبح فاعلوها بواعث حقيقية تضاء دروب الآخرين بهم، وتتفاعل فيهم ليكونوا ناقلين لها .
مسك الختام ان من يريد أن يشاهد الملائكة على الأرض ويلمس حقيقتها، عليه ان يراجع ارشيف الأرواح الحشدية الطاهرة، في سجل مدرسة الحشد الشعبي القادسة، التي لا تنضب من تلك الفاعليات، ذات القابلية على نقل الرسالة الإلهية .