أبعاد
الكاتبة: إيفان العودة ||
تقع وسائل الإعلام التقليدية في مثلث من تأثير مواقع التواصل الاجتماعي؛ في إما أن تأخذ منها المحتوى وتنقله عنها، وإما أن تصدر إليها المحتوى التقليدي بصيغته الأصلية، وإما أن تنتج لها محتوى خاصا بها، ولذلك، أصبح بإمكاننا القول إن هناك حالة من الاشتباك والتكامل تقع وسيلة الإعلام التقليدية في موقع المتأثر وتقع مواقع التواصل الاجتماعي في موقع المؤثر.
ويمكن الزيادة على فكرة صديقي بأن وسائل الإعلام التقليدية تعرف نوعا رابعا من التأثير هو انتظار صدى ما تنشره ورأي المواطن فيه عبر هذه الوسائل، وهي مسألة لا يجوز إغفالها في هذه الحالة لأنها تعطي لأنواع التأثير السابقة معنى أعمق، وأقوى، فهي التي تنعكس من خلالها التأثيرات السابقة، لأن هذه الوسائل ستقوم مستقبلا بتغيير المحتوى وتطويره بناء على بعض الآراء والانتقادات التي يوجهها المتلقي، كما ستقوم بالتركيز على القضايا التي تثير اهتمامه، وعلى نوع المعالجة الذي يجلب متابعته. كما ستقوم باستحداث محتويات يطلبها.
ومن الواضح أنه في وسائل إعلامنا التقليدية، ولدى نخبنا عموما، ما زال مفعول هذه التغييرات ضعيفا، بالمقارنة مع حجم حضورها العالمي.
وهنا يجب التنبيه إلى أن السياسيين والمسؤولين يضيعون فرصة لا تعوض في التعاطي مع المواطن الذي يفترض أنهم يبحثون عن رأيه في أعمالهم، وآرائهم ومواقفهم.
في كل دول العالم اليوم تجد صفحات موثقة للسياسيين والمسؤولين والهيئات الحكومية تتفاعل مع مطالب المواطنين، وتزودهم بالمعلومات عن الأحداث والمواقف، وتطلب أحيانا رأيهم في بعض الخدمات المقدمة، أو تستطلع اهتماماتهم، وتطلعاتهم في قضايا ما زالت قيد النقاش.
لقد أدت هذه الثورة إلى فرض حالة من الحرية لم يعد بالإمكان التعتيم عليها، أو توقيفها عند حد معين، ولذلك من الحكمة التعاطي معها بإيجابية، وعدم محاولة لجمها أو التحكم فيها لأن نتائج ذلك قد تصبح وخيمة.
إن هذه الثورة ليست إيجابيات كلها، بل فيها جوانب سلبية على قدر كبير من الخطورة؛ فقد أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مكانا لنشر الشائعات والأخبار المفبركة، أو غير الدقيقة، وهو ما يؤدي إلى خلق توترات اجتماعية، واقتصادية في بعض الأحيان، مما له أثر سلبي، خاصة في مجتمع غير محصن تماما مثل مجتمعنا.
إنه من الخطر بمكان أن يصل مجتمع مثل مجتمعنا إلى حافة الفوضى، ويصبح مهددا بالانزلاق إلى تفاعل غير محسوب من فئات مختلفة مع أخبار غير دقيقة، أو موجهة بشكل خاطئ.
إنها دعوة إلى النخب، والمؤسسات أن تلتفت إلى وسائل التواصل الاجتماعي، التفاتة جدية ليس بهدف قمعها، أو كبتها، فذلك غير مبرر البتة غير ممكن، غير مجدٍ، وإنما للاستفادة منها، والتفاعل مع محتواها خدمة للمجتمع، وتعاطيا مع المواطن، لتحقيق التنمية والانسجام الاجتماعي، وإشراك المواطن في القرار.