ابعاد – تقرير
تبادل الهدايا بين قادة العالم هو من بين وسائل إظهار حسن النية والحرص على بناء علاقات دبلوماسية وصداقة بين الدول. وعلى مر السنين، ذهب بعض القادة إلى أبعد الحدود في هذا المجال وقدموا بعض الهدايا الغريبة للغاية.
يقول التاريخ إنه في عام 1785 أهدى ملك إسبانيا للرئيس الأمريكي جورج واشنطن بغلا. كما يقول التاريخ أيضا إن والي مصر محمد علي باشا أهدى بريطانيا في أوائل القرن التاسع عشر مسلة فرعونية ثم قدم لاحقا مسلة أخرى لفرنسا، كما أهدى زرافة إلى شارل العاشر ملك فرنسا في عام 1827.
وفي عام 1862، أهدى ملك سيام (تايلاند حاليا) للرئيس الأمريكي أبراهام لنكولن مجموعة من الأفيال. وفي عام 1879 أهدى الخديوي إسماعيل حاكم مصر مسلة فرعونية أخرى إلى الولايات المتحدة.
وفي مثال حديث على هذه الدبلوماسية غير العادية ما وقع بين رئيسي بيلاروسيا وزيمبابوي حيث تلقى ألكسندر لوكاشينكو أسدا محنطا من إمرسون منانغاغوا. وفي المقابل، رد لوكاشينكو على هدية نظيره بتقديم جرار زراعي له.
مثال لا يُنسى
حدث مثال لا يُنسى لهذه الدبلوماسية الغريبة في عام 1959، عندما قدم الزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف للرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور كرة حديدية كانت نسخة طبق الأصل من كرات معدنية قطرها 7.5 سم ، أطلقها السوفييت من سفينة الفضاء لونا 2 على سطح القمر وعليها رمز المطرقة والمنجل.
وفي عام 1964، إثر اجتماع بين خروتشوف ورئيس وزراء النرويج أينار غارهاردسن، أهدى الزعيم السوفييتي غارهاردسن سمك الحفش الذي يستخرج منه الكافيار. وفي عام 1972 تلقت ملكة بريطانيا فيلا هدية من رئيس الكاميرون.
ومثال آخر على تبادل الهدايا الغريبة بين زعماء العالم تلقي الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب من الرئيس الإندونيسي عام 1990 سحلية كومودو يصل طولها إلى 2.5 متر ويبلغ وزنها 90 كيلوغراما.
كما قدم رئيس الوزراء الياباني كيتشي ميازاوا في عام 1992 لبوش الأب ايضا مجموعة من مضارب الغولف، ولكن ما جعل الهدية غير عادية هو حقيقة أن المضارب كانت مصنوع من الذهب الخالص. وقد قدرت قيمة الهدية بأكثر من 8 آلاف دولار، واعتبرت رمزا للعلاقة القوية بين البلدين.
في عام 1997، قدم رئيس أذربيجان حيدر علييف للرئيس الأمريكي كلينتون سجادة عليها صورة كلينتون وزوجته هيلاري. من المؤكد أنهما لم يستخدما هذه السجادة أبدا.
وفي عام 2002، أهدى الرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حصاناً عربياً اصيلاً أبيض.
في عام 2003، أهدى رئيس الأرجنتين 300 طن من لحم الضأن للرئيس الأمريكي جورج بوش الإبن.
وفي عام 2007، قدم الرئيس الأمريكي بوش الإبن مجموعة من الهدايا من ولاية تكساس لملكة بريطانيا إليزابيث الثانية، وتضمنت حذاء راعي بقر وسترة جلدية وعملة فضية تعود لفترة جمهورية تكساس المستقلة، وهي الفترة التي تلت استقلالها عن المكسيك في عام 1836 واستمرت 10 سنوات قبل انضمامها للولايات المتحدة، وكانت تلك الهدايا ترمز للعلاقة الوثيقة بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.
لحاف بوتين وبرلسكوني
وفي عام 2008، قدمت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل للرئيس الروسي ديميتري ميدفيديف كوب الجعة الألماني التقليدي الزجاجي كرمز للعلاقة الوثيقة بين ألمانيا وروسيا.
وفي عام 2008، قدم ميدفيديف لنظيره البلغاري جورجي بارفانوف، مجموعة من دمى التعشيش الروسية التقليدية “ماتريوشكا” كرمز للعلاقة الوثيقة بين روسيا وبلغاريا.
في عام 2008 أيضا، قدم الرئيس الصيني هو جينتاو لفافة خطية نادرة وقيمة إلى رئيس كوريا الجنوبية آنذاك لي ميونغ باك كرمز للعلاقة الوثيقة بين الصين وكوريا الجنوبية.
واستمرارا لمسلسل الهدايا الغريبة في عام 2008، أعطى رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك سيلفيو برلسكوني لبوتين لوحة نادرة وقيمة ولحافاً حمل صورة بوتين وبرلسكوني بالحجم الكبير كرمز للعلاقة الوثيقة بين إيطاليا وروسيا.
في عام 2009، قدم رئيس الوزراء الياباني تارو آسو للرئيس الأمريكي باراك أوباما طقم شاي ياباني تقليدي كرمز للعلاقة الوثيقة بين اليابان والولايات المتحدة.
ومن جانبه قدم الرئيس الأمريكي باراك أوباما في نفس العام 25 قرص دي في دي لرئيس وزراء بريطانيا آنذاك جوردون براون، ولكنها كانت من النوع الذي لا يعمل في بريطانيا.
وفي عام 2010 ، قدم رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي هدية للرئيس الأمريكي باراك أوباما كانت عبارة عن مجموعة من مضارب الغولف الذهبية. وقد اعتبرت هذه الهدية رمزا للعلاقة الوثيقة بين اليابان والولايات المتحدة، كما أنها أظهرت حب رئيس الوزراء الياباني للغولف.
في عام 2012 ، قدم رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون لأوباما هدية كانت عبارة عن مائدة تنس طاولة ومضارب.
أكلوا “هدية” الرئيس
وفي عام 2013، أهدت الحكومة في مالي الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند جملا وبسبب قواعد الحجر الصحي اضطر أولاند إلى تركه مع عائلة في مالي لكن الأسرة أكلت الجمل.
وكان لاجئ في مخيم قرب الحدود الموريتانية قد اتهم سلطات مالي بسرقة جمله الذي قامت بإهدائه إلى الرئيس الفرنسي، وهدد بتحريك دعوى قضائية، ولم يُعرف مصير تلك الدعوى بعد أكل الجمل.
وفي عام 2012، أهدى كاميرون الرئيس أوباما مشواة تقدر قيمتها بـ 1200 جنيه إسترليني، وقد قام الزعيمان بشوي الطعام فيها وإعداده بنفسيهما.
وفي عام 2013 أيضا، أهدى الرئيس الصيني شي جينبينغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نوعا نادرا وغاليا من الشاي الصيني تعبيراً عن عمق صداقة البلدين، كما أنها أظهرت أهمية ثقافة الشاي في المجتمع الصيني.
وفي عام 2013، قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى البابا فرانسيس هدية عبارة عن شمعدان، بالإضافة كتاب عن تاريخ “محاكم التفتيش” الإسبانية.
وفي نفس العام، أهدى بوتين المستشارة الألمانية ميركل لوحة فنية ووثيقة وقُعت في العام 1894، بشأن التجارة الروسية الألمانية.
وقدمت رئيسة كوريا الجنوبية بارك كون هي في مجموعة من الآلات الموسيقية الكورية التقليدية إلى نظيرها في كوريا الشمالية، كيم جونغ أون، كبادرة سلام وحسن نية في عام 2013. واعتبرت هذه الهدية وسيلة لتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين وبناء علاقة أفضل بين البلدين.
وكذلك في عام 2013 ، قدم الرئيس المكسيكي إنريكي بينيا نييتو للرئيس الأمريكي باراك أوباما القبعة المكسيكية التقليدية “سمبريرو” كرمز للعلاقة الوثيقة بين المكسيك والولايات المتحدة.
وخلال زيارته للفاتيكان في عام 2013 ، قدم الرئيس الإيراني حسن روحاني للبابا فرنسيس سجادة فارسية نادرة وقيمة خلال لقائهما.
وفي عام 2014 ، قدم الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون اثنين من الخيول النادرة والغريبة لرئيسة كوريا الجنوبية بارك كون هيه كرمز لالتزامه بتعزيز السلام والتعاون بين البلدين.
وفي عام 2015 ، أعطى الرئيس الكوبي راؤول كاسترو للرئيس الأمريكي باراك أوباما صورة مؤطرة للرئيس الأمريكي وهو صغير مع والده حسين أوباما.
وفي عام 2016، قدم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سجادة تركية نادرة للرئيس الأمريكي باراك أوباما كرمز للعلاقة القوية بين البلدين.
وفي عام 2017، أهدى أردوغان، سيفا تركيا تقليديا إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كرمز للعلاقات الثنائية القوية بين البلدين.
دببة باندا
وفي عام 2018، أهدى شي جينبينغ اثنين من دببة الباندا العملاقة إلى رئيس فرنسا، إيمانويل ماكرون، خلال زيارة دولة له لفرنسا، وذلك في إشارة رمزية للصداقة بين البلدين.
وفي عام 2018 أيضا، أهدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون قرص سي دي عليه أغنية “الرجل الصاروخ” (1972). ودائما ما يصف ترامب نظيره أون برجل الصاروخ، في إشارة إلى الطموحات العسكرية التي تراود الزعيم الكوري، ورغبته الدائمة في تطوير صواريخ باليستية.
وفي عام 2020، أهدى رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي، سجادة حريرية منسوجة يدويا ومجموعة أكواب شاي لرئيس وزراء المملكة المتحدة، بوريس جونسون، خلال زيارة رسمية إلى المملكة المتحدة.
وهذه مجرد أمثلة قليلة على العديد من الهدايا غير العادية والرمزية التي تبادلها قادة العالم مع بعضهم البعض على مر السنين، مما يدل على الدور المهم الذي تلعبه في الدبلوماسية الدولية والعلاقات بين الدول وقادتها، كما أنها وسيلة لإبراز التقاليد الثقافية والتاريخية للدول.