لم يكن دور امريكا و”اسرائيل” خفيا في ضرب وزعزعة امن العراق، لكنه بدأ يتضح جليا في السنوات الأخيرة، فهاتان الغدتان تعلمان جيدا ان عراق مستقر وحشد دائم لا يخدم مصالحهم مطلقا، ومن هذا المنطلق، وبهدف ضرب القوى السياسية التي تقف خلف الحشد، لم تفوت امريكا واسرائيل فرصة اختراق الانتخابات حيث كانت السبيل الوحيد بنظرها لإضعاف الحشد وربما التمهيد للتطبيع التي لطمالما حلمت به هذه القوى.
لم تكن الانتخابات العراقية التي جرت في ١٠/١٠/٢٠٢١ وطريقة اعلان نتائجها “منزلة من السماء” وخالية من الشوائب كما يحاول البعض الترويج لها، ولم تجري بمراقبة دولية شفافة عادلة، حيث انها شكلت صدمة للعراقيين، بسبب ما تضمنته من فوضى وتخبط بل وتلاعب واضح في النتائج.
مفوضية الانتخابات حلت عليها لعنة التخبط، فطريقة إعلان النتائج بما شهدته من تأخير، لحقه حذفها جميعا من الموقع الرسمي، وتأخر المؤتمر الخاص بإعلانها، أضف إليها الأرقام المتفاوتة التي فاقت عدد سكان العراق، كلها عوامل عدها مراقبون بأنها نتيجة لضغط خارجي تعرضت له الحكومة والمفوضية من قبل قوى الشر المتمثلة بأمريكا والكيان الصهيوني أضف إليها السعودية والامارات.
بعد كل ذلك التخبط، جاء وقت الحسم وأعلنت النتائج، وليتها لم تعلن.. لسان حال العراقيين، فكتل مغمورة تصدرت ومرشحة متوفية فازت، وعدد مقترعين يفوق سكان العراق، وتحالفات بارزة أقصيت، وهنا عاد الشعب إلى مقدمة الموضوع ورأى الاستثمار الأمريكي والصهيوني بعينه، فأبى هذه المرة أن يؤخذ حقه، فصفع أمريكا واسرائيل بعدة رسائل كان أبرزها الانتفاض ورفض نتائج الاقتراع. .
في تاريخ اليوم 17/10/ 2021/ انتفض العراقيون ضد مفوضية الانتخابات والنتائج المعلنة، فخرجت بغداد بمختلف مناطقها، تبعتها البصرة ونينوى وبابل وواسط وديالى وصلاح الدين، وكربلاء والديوانية والنجف الأشرف، وأعلن المتظاهرون رفضهم لنتائج الانتخابات بعد ثبات تزويرها والتلاعب بها.
جماهير غفيرة جابت الشوارع رفضا للنتائج والإقصاء الممنهج للكتل، حيث أكدوا إن ضغوطات خارجية متمثلة بأمريكا واسرائيل أبعدت القوى الشيعية عن المنافسة في محاولة لإضعافها وبالتالي حل الحشد الشعبي، كون هذه الكتل كانت ولا زالت هي المدافع الأول عنه، وفي مقدمتها تحالف الفتح”.
ردود فعل سياسية توالت دعما للتظاهرات وطعنا بنتائج المفوضية المتلاعب بها، حيث حذر عضو حركة حقوق حسين علي، من محاولات خارجية داخلية للنيل من تضحيات الحشد الشعبي، مؤكدا أن سرقة أصوات قوى المقاومة تقف خلفها أدوات صهيونية.
ويضيف علي في حديث له ” اليوم الاحد، : أن “هناك جهات خارجية داخلية تكن العداء للحشد الشعبي ، مبينا أن مؤامرة خارجية وراء سرقة أصوات قوى المقاومة”.
ويؤكد، أن “الحشد صمام أمان العراق من التدخلات الخارجية وهو من افشل مخططات التقسيم مسبقا، فيما لفت إلى أن بعض القوى لا تريد بقاء الحشد باي شكل من الأشكال”.
من جانبه، يؤكد المحلل السياسي كاظم الحاج، إنه “كانت هناك مؤشرات منذ البداية على تعرض الانتخابات للتلاعب والتزوير وهذا فعلا ما حدث على ارض الواقع وهناك ادلة قاطعة ودامغة من خلال ارباك المفوضية والاختلال بالنتائج وفرق الاصوات”.
ويقول الحاج ، “لا يخفى ان دور اليونامي عليه مؤشر خصوصا عندما تصر بلاسخارت على انه لا بد ان يكون هناك عد وفرز الكتروني فقط وهي هنا تنتقل من المراقبة إلى الاشراف وهذا خلاف الاتفاق”.
ويضيف، “لا ننسى ان الكيان الصهيوني له عملاء داخل العراق وحتما يعملون على ان تكون نتائج الانتخابات بالشكل الذي يضمن مصالحهم خصوصا بعد ردة الفعل الكبيرة الشعبية والرسمية على مؤتمر التطبيع في كردستان”.
كما عمدت أمريكا منذ احتلال العراق عام 2003 بمعية الكيان الصهيوني، إلى التوغل داخل المجتمع العراقي كهدف يجعل تدخلها في شؤونه السياسية أمرًا تلقائيًا من دون أن تواجه تهمة التدخل في شؤون بلد ذي سيادة، خصوصا بعد الانسحاب الأمريكي من العراق ثم بعد ذلك باتت تتذرع بأن كل ما تفعله في العراق هو بطلب من حكومته، لتتمكن عبر هذه السياسة من جعل العراق بحكوماته المتعاقبة منصاعا لتوجهاتها من أجل تعميق توغلها.
إن ما يعانيه العراق اليوم من أزمات سياسية واقتصادية، من تراجع السيادة العراقية والغياب الفعلي لمبدأ الفصل بين السلطات وتفشي الفساد الإداري والمالي، إلى تزوير نتائج الانتخابات واقصاء الكتل الشيعية القريبة من الحشد، كان بالطبع نتيجة حتمية للسياسة الأمريكية الفاشلة والتدخل الصهيوني الخفي في العراق.