أبعاد
يقول خبراء المناخ إن هدف الإبقاء على ارتفاع درجات الحرارة العالمية على المدى الطويل في حدود 1.5 درجة مئوية صار بعيد المنال عقب فشل الدول في وضع أهداف أكثر طموحا على الرغم من ارتفاع درجات الحرارة على اليابسة والبحار إلى مستويات قياسية منذ أشهر.
ومع تجمع مبعوثين في مدينة بون الألمانية خلال أوائل حزيران الماضي استعدادا لمحادثات المناخ السنوية لهذا العام في تشرين الثاني، تجاوز متوسط درجات حرارة الهواء على سطح الأرض لأيام 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، حسب ما ذكرته خدمة كوبرنيكوس المعنية بتغير المناخ والممولة من الاتحاد الأوروبي.
وعلى الرغم من أن متوسط درجات الحرارة قد ارتفع من قبل لفترات وجيزة فوق مستوى 1.5 درجة مئوية، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها هذه العتبة في نصف الكرة الشمالي خلال الصيف الذي بدأ في الأول من حزيران. كما تجاوزت درجة حرارة البحر في الشهر نفسه المستويات المسجلة في نيسان وآيار.
ارتفاع درجة حرارة البحار يعني تراجعا في هبوب الرياح وهطول الأمطار، ويخلق حلقة مفرغة تؤدي إلى المزيد من الحرارة
وقالت سارة بيركنز كيركباتريك عالمة المناخ في جامعة نيو ساوث ويلز الأسترالية “لم يعد لدينا المزيد من الوقت لأن التغيير يستغرق وقتا”.
وفي الوقت الذي يستعد فيه المبعوثون من الصين والولايات المتحدة، أكبر دولتين مسببتين لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري، للاجتماع المقبل، تجاوزت درجات الحرارة الأرقام القياسية لشهر يونيو في بكين بينما ضربت موجات الحر الشديدة الولايات المتحدة.
وكانت درجات الحرارة في أنحاء من أميركا الشمالية أعلى بنحو 10 درجات مئوية عن المتوسط في الشهر الماضي، في حين غطت سحب الدخان الناتج عن حرائق الغابات سماء كندا والساحل الشرقي للولايات المتحدة مع انبعاثات كربونية يقدر حجمها بنحو 160 مليون طن متري.
وسجلت الهند، وهي واحدة من أكثر المناطق تأثرا بتغير المناخ، ارتفاعا في عدد الوفيات نتيجة استمرار ارتفاع درجات الحرارة، كما سجلت كل من إسبانيا وإيران وفيتنام درجات حرارة شديدة ما أثار المخاوف من أن يصبح صيف العام الماضي الذي شهد صعودا في عدد الوفيات أمرا اعتياديا.
واتفقت الدول في باريس عام 2015 على محاولة الإبقاء على ارتفاع متوسط درجات الحرارة على المدى الطويل في حدود 1.5 درجة مئوية، لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية توقعت في مايو بنسبة 66 في المئة أن يتجاوز المتوسط السنوي عتبة 1.5 درجة مئوية لمدة عام كامل على الأقل من الآن حتى عام 2027.
وبلغ المتوسط العالمي لدرجات حرارة سطح البحر 21 درجة مئوية في أواخر آذار وظل عند مستويات قياسية طوال شهري نيسان وآيار.
وقال بيرس فورستر أستاذ فيزياء المناخ في جامعة ليدز إن “ارتفاع درجة حرارة الأرض هو العامل الرئيسي لكن الأسباب تضمنت أيضا ظاهرة النينو وتراجع الغبار الصحراوي الذي يهب فوق المحيط واستخدام وقود منخفض الكبريت للسفن”.
وأضاف “لذلك في المجمل تتعرض المحيطات لضربة رباعية… هذا مؤشر على أشياء قادمة”.
وقالت أناليسا براكو عالمة المناخ في معهد جورجيا للتكنولوجيا إن “ارتفاع درجة حرارة البحار قد يعني أيضا تراجعا في هبوب الرياح وهطول الأمطار، مما يخلق حلقة مفرغة تؤدي إلى المزيد من الحرارة”.
وأضافت أنه على الرغم من أن درجات حرارة البحر المرتفعة هذا العام ناتجة عن “مزيج مثالي” من الظروف، فإن التأثير البيئي ربما يستمر.
وأوضحت أن “استجابة المحيطات ستكون بطيئة جدا إذ أنها ستراكم (الحرارة) ببطء لكنها ستحافظ عليها أيضا لمدة طويلة جدا”.
ويقول خبراء المناخ إن نطاق الطقس المتطرف وتواتره آخذان في الازدياد، وشهد هذا العام أيضا حالات جفاف في مختلف أنحاء العالم، فضلا عن الإعصار النادر الذي أودى بحياة المئات من الأشخاص في أفريقيا.