ابعاد
حذرت تقارير علمية حديثة من عاصفة شمسية مدمرة قد تضرب كوكب الأرض في غضون العامين المقبلين، وتقضي على البنية التحتية لشبكات الإنترنت، حيث اقتربت الشمس من الوصول لأكبر موجة حرارة عبر التاريخ، وفق العلماء.
ووفق تلك التقارير التي نشرتها صحف مثل “واشنطن بوست” و”ديلي ستار”، فإنه “منذ عام 2012، غابت العواصف الشمسية الكبيرة، حيث تبلغ الشمس دورتها كل 11 عاما، وستصل الشمس للحد الأقصى للطاقة الشمسية في 2025 القادم، وستكون الدورة الأكثر حدة وتأثيرا على الأرض”.
وعلى الرغم من أنها دورات منتظمة حدثت 25 مرة منذ بدء التسجيلات في عام 1755، يشعر الخبراء بالذعر لإن الدورة الحالية تصاعدت بشكل أسرع بكثير من المعتاد، وشهدت بقعا شمسية وتوهجات أكثر من المتوقع.
ويحذر خبراء من أن “توقف خدمات الإنترنت جراء هكذا عاصفة محتملة، سيرتد بصورة كارثية على مختلف مناحي الحياة وقطاعاتها الحيوية والإنتاجية”.
يقول الخبير البيئي الدولي أيمن هيثم قدوري،: “تتولد العواصف الشمسية نتيجة تقاطع المجالات المغناطيسية التي تنتج من حركة البلازما داخل جسم الشمس وهي مكون رئيسي للطقس الفضائي، البلازما تبدأ تدور داخل الشمس وينشأ عنها نشاط مغناطيسي مكثف يسمى البقع الشمسية”.
وأضاف: “المجال المغناطيسي الذي يتولد حول هذه البقع يوصف بعدم الانتظام ويتعرض لضغط هائل نتيجة لاستمرار حركة البلازما الشمسية، تصادم الايونات والالكترونات في مجال البقعة الشمسية التي تسمى أيضا بالثقب الاكليلي، بفعل النشاط المغناطيسي المتراكم في مجال هذه الثقوب تنطلق طاقة تتألف من البلازما الشمسية (بروتونات والكترونات) تسمى (coronal mass ejections) الانبعاث الكتلي الاكليلي”.
وأقرب ما يمكن وصف هذه الطاقة بقذيفة بلازما تزداد سرعتها لتصل إلى 1.3 مليون كيلومتر في الساعة، تتخذ شكل الأفعى وتتجه نحو الكواكب المواجهة للجزء الجنوبي الغربي للشمس، موقع البقع الشمسية الأكثر نشاطا، لتصل للغلاف الجوي الأرضي خلال فترة ما بين 24-48 ساعة تقريبا.
وعندما تصل العاصفة الشمسية للغلاف المغناطيسي الأرضي، يبدأ بصد هذه القذيفة ثم تندمج العاصفة مع ذلك الغلاف الذي يمتد فوق سطح الأرض من ارتفاع 60كم ليصل إلى أكثر من 1000كم (الأيونوسفير) وتحدث في هذه الأثناء عملية تجاذب وتنافر بين البروتونات والالكترونات الشمسية مع مثيلتها الأرضية، مكونة مسار ذو اتجاهين نحو أقطاب الأرض الشمالية والجنوبية.
العواصف الشمسية تصنف إلى 5 مستويات من خلال تسجيل اتساع قطرها وسرعة انطلاقها من G-1 الأضعف إلى G-5 الأشد والأخطر على الحياة البشرية.
رغم أن المجال المغناطيسي الأرضي يعمل على تشتيت العاصفة وتحويلها للقطبين، غير أن العواصف الشمسية التي تصنف من الفئة G-3 إلى G-5 يمكن أن يصل تأثيرها لسطح الأرض نتيجة انعكاس اشعاع العاصفة الشمسية من المجال الجوي لذلك السطح، لتبدأ مرحلة التأثيرات السلبية والتي من الممكن أن تصل لدرجة تهديد الحضارة البشرية وتدمير تكنولوجي مهول يمكن أن يعيد البشرية لعصور ما قبل الكهرباء.
فعندما يصل تأثير العاصفة الشمسية لسطح الأرض تبدأ الموجات الراديوية بالانقطاع، بسبب التخلخل المغناطيسي في مجال الأرض الجوي، فضلا عن انقطاع الانترنت وتعطل أنظمة الملاحة فلا بوصلة تعمل ولا طير مهاجر سيتمكن من الوصول لوجهته، خصوصا تلك الطيور التي تتخذ من المجال المغناطيسي الأرضي سبيلا لبلوغ مقاصدها في مواسم الهجرة.
بعدها ستتأثر خطوط الشبكات الكهربائية بارتفاع الأحمال، وقد يصل الأمر لتدمير المنظومات الكهربائية، ما سيقود لقطع الامدادات المائية عن المدن كون معظم محركات ضخ المياه تعمل على الكهرباء.
وهكذا فالعواصف الشمسية تؤثر على مختلف مجالات الطاقة بصورة عامة، وتأثيرها على الطاقة الكهربائية لا يستوجب أن تكون العاصفة ذات طاقة عالية، لكن تأثيرها على نواقل الانترنت أي الكابلات الممتدة في جوف المحيط يشترط توفر مجال مغناطيسي ذو جهد عالي جدا، يولد طاقة عالية تسبب قطعا في هذه النواقل.
الوجه الآخر لتأثير العاصفة الشمسية على الانترنت، إخراجها مجموعة ليست بالقليلة من الأقمار الصناعية المسؤولة عن تغطية وايصال خدمات الانترنت لجميع أنحاء العالم، في منطقة من الغلاف الجوي المواجهة لنقطة اصطدام قذيفة البلازما الشمسية مع المجال المغناطيسي الأرضي.
التاريخ يروي ما يمكن للعاصفة الشمسية الشديدة أن تفعله، ولعل حدث كارينغتون عام 1859 شاهد على قوة تأثير العواصف الشمسية التدميرية، وهو آخر نشاط شمسي ضخم تعرضت له الأرض، وبالتالي وفقا لبيانات الادارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي NOAA ومراقبتها لنشاط الشمس، فإن الكوكب بالفعل ينتظر حدثا شمسيا مشابها لكارينغتون خلال العامين القادمين.