أبعاد
أفادت مجلة نيوزويك الأميركية، بأن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، أظهر التزاماً راسخاً بقضية المناخ، مشيرة إلى أنه يبذل جهوداً لتأمين اتفاقية دولية بشأن الاستخدام المستدام لموارد المياه العابرة للحدود، فيما أكدت أن مكافحة الفساد أسفرت عن نتائج إيجابية جعلت البلاد تجتذب استثمارات أجنبية مباشرة وكبيرة.
ونشرت المجلة مقالة لجيمس وات الدبلوماسي البريطاني، قال فيها: “لطالما كان الجفاف قضية رئيسية في الشرق الأوسط حيث يعود تاريخ أول معاهدة للمياه إلى أكثر من 4500 عام. وقد أدت الظواهر الجوية الشديدة، بما في ذلك الجفاف الواسع النطاق، الذي تفاقم بسبب تغير المناخ، إلى زيادة التصحر وإلى معاناة الملايين في نهاية المطاف مع اختتام COP28 مؤخرًا، يبقى السؤال حول ما إذا كان توافق آراء دبي سيؤثر بشكل إيجابي على دول مثل العراق مع معاناة نهري دجلة والفرات من الجفاف المفرط، كما أبرزت صحف أمثال نيويورك تايمز وواشنطن بوست برز العراق كدولة ضعيفة بشكل خاص”.
وأضافت أن “رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، دعا إلى تعزيز التعاون الدولي في مجال التغير المناخي، حيث أشار في الجمعية العامة للأمم المتحدة (UNGA) إلى أنه لا يجب أن يسمح لمهد الحضارة ان يموت عطشا”.
وحذرت الأمم المتحدة من أنه منذ عام 1973، فقدت اهوار بلاد ما بين النهرين 78% من إجمالي مواردها المائية. علاوة على ذلك، من المقرر أن ينخفض توافر المياه في الشرق الأوسط بنسبة 30% إضافية بحلول عام 2050 بسبب تغير المناخ.
وأشارت المجلة إلى أن “الزراعة والأمان الغذائي وسبل العيش الاقتصادية لملايين الأشخاص الذين يعتمدون على الزراعة مهددة مع تأكيد هذه المخاوف، حيث أكد الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد في دبي أن هذه الأزمة الإقليمية تتجاوز قضية ندرة المياه وتؤثر في جوانب حيوية لتنمية البلاد”.
وتابعت أن “العراق أطلق في 25 يوليو 2023 مبادرات متنوعة لمواجهة التغير المناخي، حيث تشمل جهوداً رئيسية لتعزيز أمان المياه والقضاء على الفاقد. ورغم أن وفد العراق دعا إلى استبعاد لغة التخلص من الوقود الأحفوري بسبب اعتماده الاقتصادي على الهيدروكربونات، إلا أن التغير المناخي يظل قلقًا حقيقيا بالنسبة لبغداد”، مبينة أن “مبادرات بغداد تتماشى مع توافق آراء دبي الذي دعا إلى حماية النظم البيئية للمياه العذبة، وزرع مبادرات مرونة المياه الحضرية، وزيادة طاقة الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار”.
وأكدت أنه “مع ذلك، فإن الصندوق، الذي قوبل بانتقادات واسعة النطاق لأنه لم يذهب بعيدا بما فيه الكفاية، يمثل خطوة أولية إيجابية اتخذها كبار المسببين للانبعاثات للاعتراف بالضرر الناجم عن أفعالهم. ووفقا لأحدث بيانات البنك الدولي، بلغ نصيب الفرد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العراق سنويا 3,8 طنا متريا، أي أقل بكثير من انبعاثات الولايات المتحدة البالغة 13 طنا متريا و 12 بالمائة فقط من انبعاثات قطر البالغة 31,7 طنا متريا”.
وبينت أنه “مع استنتاج COP28، فإن السؤال الآن هو ما إذا كان يمكن تلبية المطالب العاجلة للبلدان التي تعاني من تغير المناخ مثل العراق، وكيف يمكن لنتائج القمة أن تحقق التغيير المطلوب بشكل مباشر”، منوهة بأن “العراق لا يزال ينتظر التوصل إلى اتفاق توافقي على نطاق الحوض بين البلدان المشاطئة بشأن إدارة نهر الفرات ودجلة. في حين كانت المبادرات الرامية إلى تحسين إدارة الموارد المائية ضرورية، فإن العراق سيجد صعوبة في النجاح في هذا المجال عندما تزداد شحة الموارد”.
وتابعت المجلة أن “الموارد التي يخصصها صندوق الخسائر والأضرار تعتبر على نطاق واسع غير كافية لتعويض البلدان الأكثر تأثرا بتغير المناخ. ومع ذلك، على الرغم من أن نتائج COP28 تبدو قاصرة عن معالجة المخاوف المناخية للعراق، فإن هذا لا يعني أن مشاركة بغداد فشلت في تحقيق بعض النتائج الإيجابية، خاصة أنها تتطلع إلى إعادة تأكيد نفسها على المسرح العالمي”.
وذكرت أيضاً أن “بغداد ممثلة بوفد قوامه 300 فرد، أظهرت التزامها الراسخ بقضية المناخ ورغبتها المستمرة في تلبية الاحتياجات العاجلة لتزايد عدد سكانها، الذين عانوا منذ فترة طويلة من الصراع وعدم الاستقرار، وهو أمر أصبح عنصرًا أساسيا في إدارة السوداني. ومع افتتاح أول جناح لها على الإطلاق في مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، تم وضع أزمة المناخ العراقية في طليعة المناقشات الدولية. وتأتي هذه الجهود على رأس انضمام البلاد التاريخي إلى اتفاقية الأمم المتحدة للمياه في مارس، مما يجعلها أول دولة في الشرق الأوسط تفعل ذلك”.
وقالت إن “هذه الإجراءات تظهر اعتراف السوداني بالتهديد المناخي لتزايد عدد سكان العراق وكذلك جهوده لتأمين اتفاقية دولية بشأن الاستخدام المستدام الموارد المياه العابرة للحدود. كما التزم العراق بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من إنتاج النفط والغاز وتحسين شبكة الكهرباء عن طريق المشاريع المتجددة”.
من جانب آخر، أشارت المجلة إلى أن “مكافحة الفساد، أولوية أخرى أبرزها رئيس الوزراء، وأسفرت عن نتائج إيجابية مما يعني أن البلاد تجتذب الآن استثمارات أجنبية مباشرة كبيرة بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة، كما يتضح من شراكتها الأخيرة مع توتال انرجيز الفرنسية، وهي صفقة أشادت بها وزارة الخارجية الأمريكية”.
وأردفت: “ينتظر العراق بصبر أن ترقى الدول التي تتقاسم مواردها المانية إلى مستوى التحدي المتمثل في توزيعها بشكل عادل، كما فعل الاسلاف في بلاد الرافدين منذ أكثر من 4500 عام. في غضون ذلك، يبدو أن إجماع دبي قد فتح البوابة للتغيير الذي تشتد الحاجة إليه، وهو أمر تأمل الإدارة العراقية الحالية في معالجته بشكل مباشر”.