أبعاد- تقرير..
بعد قرابة الشهرين من التصويت على اختيار رئيس البرلمان الجديد ونائبيه، من أجل العمل بالدستور وتطبيق القوانين وتيسير أوضاع الشعب، يرى مراقبون للشأن العراقي أن البرلمان يعمل عكس الطرق القانونية وبعكس التوقعات حيث خرق الدستور في أول قراراته بإصداره قرارا باستضافة وزير المالية علي عبد الأمير علاوي عبر “تغريدة” على مواقع التواصل الاجتماعي، بناءً على تغريدة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فيما انتفض علاوي على الكتلة الصدرية والتي كانت الداعم الأكبر له في اجراءات تغيير سعر الصرف والرئاسة البرلمان، مؤكدا أن الحكومة لا يمكن أن تدار عبر التغريدات.
وبين المراقبون، أن “انتفاضة الوزير علاوي ضد الكتلة الصدرية جاءت بسبب ما سببه رفع سعر صرف الدولار من اضرار كبيرة بالاقتصاد العراقي إلى درجة ارتفع فيها مؤشر الفقر في العراق إلى مستويات قياسية جداً لم تستطع الطبقات المتوسطة والمتدنية من مواجهة تبعاتها ما أثر على حياتهم بشكل كبير”.
ويضيف المراقبون أن “الوزير حاول التملص من “الورطة” التي لحقت به من خلال سياسة رفع سعر الصرف، كما أن الكتلة الصدرية تسعى إلى رمي كل المشاكل الاقتصادية بوجه وزير المالية حتى لا يتم محاسبتها على دعمها لرفع القيمة النقدية للدولار الامريكي بمواجهة الدولار العراقي”.
ورد الوزير علاوي برسالة شديدة اللهجة، بعد أن قدم النائب الأول لرئيس البرلمان حاكم الزاملي، طلباً لاستدعائه لغرض استجوابه بخصوص سعر صرف الدولار والسياسة النقدية للعراق، وما رافقها من تداعيات خطيرة على الاقتصاد العراقي، وفيما رفض علاوي استدعائه برسالة وجهها إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال مصطفى الكاظمي، من جانبه رد الزاملي على رسالته بأنه “سيتم استجوابه وسيتم منعه من السفر لحين الانتهاء من اجراءات استجوابه”.
هذا وتوعد النائب الأول لرئيس مجلس النواب، حاكم الزاملي، وزير المالية علي عبد الأمير علاوي، بإقالته من منصبه بعد رفضه طلب الاستضافة تحت قبة البرلمان.
وقال الزاملي خلال الجلسة التي عقدت، اليوم السبت، واستضاف بها محافظ البنك المركزي في البرلمان، إن “علاوي سيُمنع من السفر وتتم إقالته إذا لم يلبِ طلب الحضور لمجلس النواب”.
وأضاف، أن “وزير المالية علي علاوي حتى وإن قدم استقالته، فإنه لن يُترك من دون محاسبة، ولدينا ملفات تدينه”، مشيراً إلى أن “رفض علاوي الحضور للبرلمان قد يكون مقدمة لإفلات الوزراء من المحاسبة”.
وتابع قائلاً: “ليس لدينا أي خلاف مع وزير المالية، ولدينا تواقيع لأكثر من 50 نائباً لاستضافة وزير المالية في البرلمان”.
ويوم الخميس الماضي، دعا زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر إلى استضافة محافظ البنك المركزي ووزير المالية من أجل مناقشة سعر صرف الدولار، ليرد بعدها وزير المالية برسالة شديدة اللهجة، تضمنت تأكيده على عدم حضور جلسة البرلمان.
وبشأن بعض المفردات التي جاء بتغريدة الصدر ورئاسة البرلمان التي تخص استضافة وزير المالية، علق قاضي مخابرات قائلا: “ملاحظات بسيطة الى مقتدى الصدر، جناب السيد الفاهم، لا يوجد منصب بعنوان مدير البنك المركزي ، لدينا محافظ البنك المركزي”، مضيفا أنه “ايضا من البديهيات ان الاستدعاء يكون الى مراكز الشرطة او المحكمة وقبة البرلمان ليست بوليس خانه، من المفترض ان يكون هناك طلب استضافة او استجواب اذ ما توفرت جميع شروطه وأن السؤال يجب ان يكون خطيا، وان يدرج في جدول اعمال مجلس النواب بعد اسبوع على الأقل من تاريخ ابلاغه إلى المسؤول المعني، ولا يجوز التأخر في الرد لأكثر من أسبوعين، وان يكون الرد شفاهيا!”.
وولفت إلى أنه :” أما الاستجواب فيحق لـ 26 عضوا توجيه الاستجواب، ولا يجري الاستجواب إلى بعد أسبوع من تاريخ تقديمه! في المواد 50 ـ 55 من النظام الداخلي لمجلس النواب”، مشيرا إلى أن “بالنسبة للجان فيمكنها بموفقة أغلبية أعضاء اللجنة دعوة أي وزير أو من هو بدرجته، وعلى الوزير الحضور خلال سبعة أيام من تاريخ تسلم الدعوة! (المادة 77 أولًا من النظام الداخلي لمجلس النواب) ولكن ليس هناك حتى اللحظة لجان في مجلس النواب”.
وأكمل قائلا، إن “ما قام به علي علاوي قانوني تماما عندما رفض الحضور لمخالفة الدعوة للإجراءات الواجب اتباعها”.
وقبل ساعات، شكّل مجلس النواب العراقي، يوم السبت، لجنة نيابية متخصصة بالملف المالي والاقتصادي والإشراف على عمل البنك المركزي، وذلك على خلفية تغريدة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بشأن خفض قيمة الدينار العراقي أمام الدولار الأمريكي.
وعقد مجلس النواب اليوم السبت اجتماعا في القاعة الدستورية برئاسة النائب الأول لرئيس المجلس حاكم الزاملي لمناقشة واقع سعر صرف الدولار مقابل العملة المحلية.
من جانب أخر، يرى رئيس المركز الاقتصادي العراقي، ضرغام محمد عليان، أن “خفض الرواتب وسعر صرف الدينار سيرفع الأسعار ويؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية، وبالتالي سيؤدي الى رفع نسب التضخم والفقر وانكماش تضخمي يؤذي السوق ويقلل فرص العمل بشكل خطير ويؤدي بالتالي الى الكساد المدمر للاقتصاد العراقي”.
واوضح ان “المصارف الحكومية ستتضرر أيضا بشكل كبير بسبب الإقبال على سحب الودائع الدينارية ما سيفرغ خزائنها بعد انعدام الثقة بالدينار”.
من جانبها، كشفت وزارة التخطيط الأحد أن نسبة الفقر في البلاد وصلت في عام 2018 إلى 20 في المئة، مشيرة إلى تبابين النسب بين المحافظات، حيث تتجاوز النسبة حاجز الـ 50 في المئة في بعض المحافظات.
ورغم أن نسبة الفقر راجعت من 22 في المئة عام 2014، إلا الأرقام تظهر فشل الحكومات العراقية المتعاقبة في الحد من هذه المشكلة التي تقلق العراقيين، حيث لم تنخفض النسبة على مستوى البلاد إلا بشكل طفيف جدا لا يتجاوز 2 في المئة خلال أربع سنوات، فيما لم تكن نسبتها تتجاوز الـ 15 في المئة في 2013.
وكانت نسبة الفقر الأقل في العاصمة بغداد 10 في المئة، تليها، دهوك 8.5 في المئة، كركوك 7.6 في المئة، أربيل 6.7 في المئة.