بلغ التضخم في تركيا في شهر شباط أعلى معدل له في عقدين على أساس سنوي، حسب ما أظهرته أرقام وكالة الإحصاء الرسمية، على خلفية قرارات الرئيس رجب طيب أردوغان غير التقليدية إزاء خفض معدلات الفائدة، وضعف العملة.
ارتفعت أسعار الاستهلاك بنسبة 4,8 بالمئة في شباط/فبراير مقارنة بالشهر الذي سبقه، فيما بلغ التضخم السنوي 54,4 بالمئة، وفق البيانات.
وباتت ارتفاع كلفة المعيشة مصدرا رئيسيا للاستياء الشعبي في تركيا، في وقت يسعى إردوغان للفوز بالانتخابات الرئاسية العام القادم.
وخسرت الليرة التركية 44 بالمئة من قيمتها مقابل الدولار في 2021.
وغيّر إردوغان في كانون الأول/يناير رئيس وكالة الإحصاء الرسمية.
وذكرت وسائل إعلام تركية أنه مستاء من أرقام التضخم التي كانت تنشرها.
وتعتقد المعارضة وبعض خبراء الاقتصاد أن الارقام الرسمية لا تعكس الواقع.
الشهر الماضي خفضت وكالة فيتش للتصنيف دين تركيا من “بي بي -” إلى “بي +”، مع آفاق سلبية، مشيرة إلى معدلات تضخم مرتفعة وغياب الثقة في قدرة أصحاب القرار على عكس المسار.
رغم ارتفاع التضخم في أنحاء العالم، لأسباب منها سياسات نقدية سهلة اتخذت لامتصاص صدمة وباء كوفيد-19، إلا أن مشكلات تركيا تعد أكثر حدة بسبب النهج الاقتصادية غير التقليدي لإردوغان.
وأدى انخفاض الليرة إلى ارتفاع التضخم إلى ما يقرب من 50% الشهر الماضي، وهو أعلى مستوى له في ظل حكم أردوغان الممتد لما يقرب من 20 عامًا، حيث رفعت تركيا الأسعار بشكل عام، من رسوم الطرق إلى الكهرباء.
وخفضت تركيا ضريبة القيمة المضافة على الغذاء إلى 1% من 8% في فبراير لمحاربة التضخم.
وحسب اتحاد نقابات، على الرغم من خفض ضريبة القيمة المضافة، ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 7.1% في فبراير في العاصمة أنقرة.
ومع ذلك، يعتبر الاقتصاديون أن الأسعار سترتفع أكثر في الأشهر المقبلة، بسبب المخاطر على أسعار السلع والإنتاج الزراعي، حيث يرى البعض أنها تبلغ ذروتها في مايو/ أيار تقريبًا وتبقى مرتفعة على مدار العام، تأثراً بتداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ويرى الاقتصادي التركي مسلم أويصال أن ارتفاع الأسعار مستمر مع تصاعد أسعار الطاقة عالمياً، “وسط ترقب لتداعيات الحرب في أوكرانيا على تركيا التي ترتبط بعلاقات اقتصادية كبيرة مع روسيا، سواء بالنسبة إلى التبادل التجاري أو عدد السياح أو المشاريع المشتركة الكبرى وبمقدمتها السيل التركي ومحطة “آق قويو” النووية في قضاء “غولنار” في ولاية مرسين.
وحول ارتفاع التضخم يضيف أويصال لـ”العربي الجديد” أن الحرب في أوكرانيا لم تكن في الحسبان، ما سيزيد الضغط على تركيا التي تستورد أكثر من 95% من استهلاكها النفطي بما يوازي 34 مليار دولار سنوياً.
ولكن، يستدرك الاقتصادي التركي، “قد ينعكس تراجع الصادرات إلى روسيا، خاصة الخضر والفواكه تراجعاً في أسعارها بالسوق التركية، كما نرى أخيراً بالنسبة للحمضيات والباذنجان والطماطم”. ولكن بالمجمل، يختم أويصال،” تبقى نسبة تضخم الأسعار أعلى من زيادة الأجور التي أقرتها تركيا مطلع العام الحالي، ما ينعكس على القدرة الشرائية للمواطنين”.
وكان وزير المالية التركي، نور الدين نباتي قد توقع أن يبلغ معدل التضخم ذروته عند نحو 40% خلال الأشهر المقبلة، وألا يتجاوز 50% في 2022.
وأضاف الوزير التركي خلال لقاء 60 خبيرا ومحللا اقتصاديا في إسطنبول أخيراً، أن معدل التضخم قد لا ينخفض عن 30% حتى نهاية العام لكنه لن يرتفع أكثر من 50%.
وأظهر رسم بياني من قبل البنك المركزي في يناير أنه يتوقع أن يقترب التضخم من 50% في يناير/كانون الثاني، والذروة بالقرب من 55% في مايو ثم ينخفض بشكل حاد في الربع الثالث.
وأثار العميلية العسكرية الروسية في أوكرانيا مخاوف من مزيد من الضغوط التضخمية في تركيا، وهي مستورد للنفط والغاز الطبيعي والحبوب، التي ارتفعت أسعارها بسبب الصراع. ويرى الاقتصاديون استمرار الضغط التصاعدي على مؤشر أسعار المنتجين، بعدما تجاوز 90% في يناير/كانون الثاني.