هو المرجعُ الديني آية الله العظمى السيد محمد باقر بن حيدر بن اسماعيل الصدر، وُلِدَ في مدينة الكاظمية المقدسة العام 1935 من أسرة آل الصدر العربية العلمية الدينية العريقة.
ترعرع في أجواء العلم وحفظ القرآن والدراسة الحوزوية في الكاظمية المقدسة، عُرِفَ منذ صغره بتحديه للأنظمة الحاكمة ومقارعتها، خاصة النظام البعثي الصدامي المباد، وتجلى هذا التحدي بمشاركته بتأسيس حزب الدعوة الإسلامية العام 1958 ومن ثم معارضته الشديدة لحزب البعث العام 1968، وبعد سيطرة البعثيين على الدولة ومؤسساتها وعلى المدارس والجامعات تصدى الشهيد الصدر بشجاعة لهذه الأعمال من خلال إصدار فتوى بحرمة الانتماء لحزب البعث، ما جعله عرضة للتضييق من قبل أجهزة النظام القمعية.
ويمثل السيد الشهيد محمد باقر الصدر مرحلة مهمة وشاهداً واضحاً على مسيرة تأريخية للعراق شهدت فتراتها تبدلات وتغيرات كبيرة وواسعة وخطيرة.
قضى الشهيد الصدر حياته بين دروس العلم ومدارسها الحوزوية، ولفت انتباه أساتذته بذكائه وسرعة بديهيته وغزارة قراءته للكتب على اختلافها، وبدأت مسيرته العلمية العطرة في السنة الخامسة من عمره، وبعدها بسنتين التحق بمدرسة منتدى النشر الابتدائية، وأكمل جميع مراحلها الستة خلال ثلاث سنوات فقط.
وبعد مغادرته الى مدينة النجف الأشرف تفرغ للدراسات الدينية في الحوزة العلمية، ودرس على يد عدد من العلماء الكبار ومنهم السيد أبو القاسم الخوئي والشيخ محمد رضا آل ياسين والشيخ عباس الرميثي والشيخ محمد طاهر آل راضي وغيرهم من العلماء،، وقد أكمل دراسة السطوح بفترة قياسية، وحصل على الاجتهاد في سن الثامنة عشرة، فأصبح أحد الأعلام الكبار في الحوزة العلمية وارتفع اسمه في الأوساط العلمية والدينية.
في سن العشرين بدأ السيد الشهيد التدريس في الحوزة العلمية وكان أول تدريسه “كتاب الكفاية”، وفي سن الخامسة والعشرين بدأ بتدريس البحث الخارج في أصول الفقه، ثم درس خارج الفقه في سن الثامنة والعشرين، وبعدها درَّس الفلسفة وتفسير القرآن ،وكان الشهيد الصدر ولمدة ثلاثين عاماً مشتغلاً بالتدريس، وقد ربّى خلال هذه الفترة الكثير من الطلاب والفضلاء الذين حملوا أفكاره من بعده، وساروا في دربه.
أغنى السيد الشهيد محمد باقر الصدر المكتبة العلمية بالعديد من المؤلفات المهمة ،التي تعد مصدراً رئيساً للباحثين وطلاب العلم، ومن مؤلفاته:
“بحوث في شرح العروة الوثقى” و”دروس في علم الأصول” و”اقتصادنا” و”فلسفتنا” و”غاية الفكر في علم الأصول” و”فدك في التاريخ” و”البنك اللاربوي في الإسلام” و”الأسس المنطقية للاستقراء” وعشرات المؤلفات الأخرى التي تعد ثروة علمية لا تقدر بثمن.
وبسبب مناهضته للسلطة البعثية ومساندته للحركات الإسلامية ودعواته الإصلاحية وجرأته، أصبح السيد الصدر مصدر إلهام روحي لأغلب العراقيين، الأمر الذي جعل النظام البعثي يشعر بخطورة السيد الصدر على بقائه، ومن أجل عزله (قدس سره) عن الناس ، وقطع اتصالهم به، فرضت الأجهزة القمعية التابعة لدوائر الأمن الإجرامي الإقامة الجبرية على السيد الشهيد، واستمر هذا الحصار نحو تسعة أشهر، وبعدها قامت تلك الأجهزة الدموية باعتقاله ومن ثمة اعتقال شقيقته الشهيدة بنت الهدى، وفي نيسان العام 1980 استشهد السيد الصدر مع شقيقته تحت وطأة التعذيب، وفقدت الأمة الإسلامية هذا العالم الرباني الكبير الذي وضع بصمة في ضمير الأمة ،ونقش على جبينها عبارته الخالدة ” لو كان إصبعي بعثيّاً لقطعته”.