اكد تقرير لصحيفة الاندبندنت البريطانية ، السبت، ان السنة اللهب الغازية المشتعلة من حقول النفط في جنوب العراق لاتسبب بتلوث الكوكب فحسب بل انها تقتل العراقيين ايضا في المدن النفطية نتيجة نفثها للهواء السام في جميع انحاء البلاد.
وذكر التقرير ان ” السكان المحليين في قرية نهران عمر في مدينة القرنة في محافظة البصرة جنوب العراق يخشون على مستقبلهم حيث أصيب أصدقاؤهم وعائلاتهم واحدًا تلو الآخر بالامراض.
واضاف انه ” في الأيام السيئة ، عندما تزأر المداخن بشكل مكثف لدرجة أن النوافذ تهتز ، تقول العائلات إن السخام الكثيف يظهر في الهواء ، مما يقتل النباتات ويغطي الغبار كل شيء بلون رمادي بركاني في القرية ، ذلك ان ألسنة اللهب المتصاعدة من الأبراج التي تنشر المواد الكيميائية السامة في الهواء ، هي واقعهم اليومي”.
وتابع التقرير انه ” ووفقا لقول الخبراء فان ممارسة الحرق المثيرة للجدل للغاز الزائد المنتج أثناء استخراج النفط – هي مساهم رئيسي في أزمة المناخ ، ولكنها أيضًا تشكل تهديدًا مميتًا لأولئك الذين يعيشون في الجوار، حيث تم ربط الملوثات المنبعثة بالربو وأمراض الرئة والجلد والسرطان”.
وواصل ان ” العراق من اكثر البلدان في العالم والتي ترتكب عمليات حرق الغاز المصاحب كما ان البصرة المحافظة التي تقع فيها قرية نهران عمر هي المنطقة الأكثر تضررًا في البلاد”، مبينا ان ” السكان حذروا من أن هذه الممارسة تقتل الأطفال وكبار السن والضعفاء ، وعلى الرغم من أنه من الصعب إثبات وجود صلة مباشرة بين أمراض معينة والتوهجات ، فقد كان هناك ارتفاع بنسبة 50 بالمائة في معدلات الإصابة بالسرطان على مدى العقد الماضي ، وفقًا لرئيس بلدية المدينة ، الذي قال إن هناك ما يصل إلى 150 حالة ضمن 1600 حالة في المجتمع”.
قال رئيس البلدية بشير الجعبري إن ” إن معظم سكان البلدة يعانون من مرض ما، كما ان أخته هي واحدة من المصابين بالسرطان”، مضيفا “عندما تبدأ المداخن في زيادة إنتاجها أو تنكسر المرشحات ، لا يمكنك تخيل الغيوم الكبيرة المظلمة والثقيلة ، والتي ، عندما تمطر ، تغلفنا بمياه سخام فاسدة، إنها تلوث الهواء والماء والأرض. لا يمكننا حتى زراعة النباتات كل شيء يموت فقط “.
واوضح التقرير ان ” العراق يحرق ما يزيد قليلاً عن 17 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا ، وفقًا لأحدث بيانات البنك الدولي ويأتي في المرتبة الثانية بعد روسيا باعتبارها الدولة التي تشعل معظم الغاز على كوكب الأرض. وتعادل انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون الناتجة ما يقل قليلاً عن 10 في المائة من إجمالي الناتج العالمي”.
ووصف نائب وزير البيئة والصحة جاسم عبد العزيز حمادي تلوث الهواء “كواحدة من أكبر الأزمات التي يواجهها العراق. حتى أن دراسة العبء العالمي للأمراض ، وهي أكبر مسح للصحة العامة في العالم ، وجدت أن عدد الأشخاص الذين لقوا حتفهم بسبب تلوث الهواء يفوق عدد الوفيات منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 “.
وقال علي الصفار من وكالة الطاقة الدولية إن “هناك دراسات أكاديمية تشير إلى أن متوسط درجة حرارة العراق يرتفع بمقدار ضعفين إلى سبعة أضعاف المتوسط العالمي ، هذه القضية ليست نظرية فارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى زيادة الجفاف وندرة المياه وقدر كبير من البؤس، لذا فان العراق بحاجة إلى أن يكون على دراية بالتهديد الذي قد يواجهه وأن ثرواته الغازية بحاجة إلى الاستخدام الأفضل “.
وقال الباحث في منظمة السلام الهولندية ويم زويجننبرغ إن ” البصرة وحدها تحرق غازًا أكثر من السعودية والصين والهند وكندا مجتمعة حيث ان المنطقة تضم حقل الرميلة ثالث اكبر حقل نفطي في العالم”.
وكانت السلطات العراقية قد وعدت بالأصل بوقف جميع عمليات الحرق بحلول عام 2022 ، متطلعة إلى الاستيلاء عليها كمصدر للطاقة بدلاً من ذلك. لكن مسؤولي وزارة البيئة في البصرة يعترفون بأن الموعد النهائي تم تأجيله حتى عام 2025. ويقول مسؤولو وزارة النفط إنهم يسيرون على المسار الصحيح لتحقيق هذا الهدف ، لكن في الوقت الحالي ، وفقًا للبنك الدولي ، لا يزال الاشتعال في تصاعد”.