أبعاد
حذر رئيس الوزراء السابق، عادل عبد المهدي، اليوم السبت، من أزمة خطيرة تواجه مربي الدواجن ومنتجي البيض.
وقال عبد المهدي، في بيان تلقته “أبعاد”، إن “ازمة خطيرة يمر بها مربو الدواجن ومنتجو البيض، فمنذ أشهر قررت الحكومة فتح ابواب الاستيراد مستهدفة خفض الاسعار، فغزى المنتوج الرخيص الاجنبي الاسواق العراقية فتضرر المنتوج الوطني، واغلقت الكثير من المشاريع ابوابها، والبقية الباقية في الطريق، مما يعني خسارة مباشرة وغير مباشرة لمليارات الدولارات وتسريح مئات الاف العاملين”.
وأورد عدة ملاحظات بشأن هذا الملف:
1- برهنت مشاريع الدواجن خلال السنين الماضية انها مشاريع ناجحة، مستثمرة اموال طائلة في اجهزة وتقنيات حديثة، فساعدتنا منتجاتها خلال جائحة كورونا فلم نواجه نقصاً في العرض، او زيادة في الاسعار، اضافة انها ساهمت بتوفير مئات الالاف من فرص العمل وزيادة الناتج الوطني الاجمالي، كما تشير التقارير، فبدل ان نكافئها، وكأننا قمنا بمعاقبتها.
2- سارت الحكومة الحالية في بداية عمرها وفق سياسة الحكومة السابقة والتي سبقتها في الحد من الاستيراد لحماية المنتوج الوطني، وهو امر اوصى به مجلس النواب، لكن الحكومة اتخذت في اذار الماضي قراراً بفتح الاستيراد لمدة 3 أشهر بهدف تخفيض الاسعار، التي ارتفعت لارتفاع اسعار الاعلاف (3) مرات، وارتفاع التكاليف بعد رفع سعر صرف الدينار بنسبة تتجاوز 20%.
3- الملاحظ بالنسبة للعديد من الدول التي تصدر البيض والدواجن للعراق بان اسعار هذه المنتجات هي أغلَى لديها عما تصدره لنا، تلك الدول تمارس سياسات منها: اتباع سياسات الاغراق (Dumping Policy)، فتدعم الدولة المصدرة المنتوج وتغرق السوق الخارجية ببضاعتها الرخيصة لحين تدمير البضاعة المحلية، ليتسنى لها لاحقاً احتكار تلك الاسواق، او/و رداءة المنتج، او/و نفاد صلاحيته.
4- يعتبر المنتج الوطني والاستثمارات الوطنية كأهم هدف لاية سياسة اقتصادية ناجحة، لا يوجد هدف اهم من دعم وتشجيع وحماية الاستثمارات الوطنية، هذه اولوية الاولويات في جميع اقتصاديات العالم، اوروبا تعود اليوم لاستخدام الفحم ضاربة عرض الحائط الاعتبارات المناخية والبيئية ونصائحها للاخرين، بعد ان وجدت نفسها اسيرة استيراداتها من الطاقة. ورغم حصار الغواصات الالمانية -في الحرب العالمية الثانية- المملكة المتحدة واغراقها لسفن المؤونة على جعل المواد الغذائية قضية استراتيجية/أمنية لها حسابات غير حسابات الكلف التبسيطية، لا شيء يجب ان يعرقل الاستثمار، خصوصاً في المجال الغذائي لا المبالغة في الاجراءات لمنح الرخص والتسهيلات قبل المشروع الاستثماري، ولا التردد في تقديم الدعم والتسهيلات والتفهم والتفاوض بعد انطلاق المشروع، او عند مواجهته الصعوبات.
5- لنفترض جدلاً ان القرار الحكومي لفتح ابواب الاستيراد كان لزيادة العرض وتخفيض الاسعار لمصلحة المستهلك، وان اصحاب المشاريع، يبيعون منتجاتهم باسعار مرتفعة ترهق كاهل المواطنين، او ان المسؤول وجد نفسه محرجاً في مفاوضاته مع البلد المصدر، بربط امدادات الماء بفتح ابواب الاستيراد مثلاً. الرد لهذا كله، ان القرار يجب ان لا يكون التضييق على المنتجين والمستثمرين الوطنيين. على العكس يجب -عند اتخاذ اية خطوة- حمايتهم ودعمهم وعدم التفريط بهم مهما كان الامر. فمن يضيّق على الاستثمارات الحالية، سيُكَذب نفسه ان تكلم عن ان الاستثمارات هي الحل الجذري لمشاكلنا الاقتصادية والمجتمعية.
6- هناك عدة طرق لمواجهة ارتفاع الاسعار، كمفاوضة المنتجين، إن كان هناك تعسف في سلوكهم، لا ان يعاقبوا بالسماح باغراق الاسواق بمستوردات تقود في النهاية الى طردهم من الانتاج والسوق، وفي كل الاحوال يمكن للدولة ان تتبع سياسة دعم الاسعار، او/و دعم المنتجين، للسيطرة على الاسعار، وهو ما تفعله عادة الدول. خصوصاً وهناك فوائض مالية من زيادة اسعار الواردات النفطية، في وقت كثر فيه الكلام وصدرت الكثير من القرارات حول استراتيجيات الامن الغذائي.
7- نرى العودة سريعاً إلى السياسة السابقة، بل تطويرها بزيادة دعم المنتج الوطني والاستثمار فيه. وإن تطلب ذلك نقاش الامر مجدداً لاي اعتبار كان، فنرجو ان يكون المنتجون واصحاب المشاريع جزءاً من الحوار والقرار، لا ان يتخذ بغيابهم وعلى حسابهم.