أبعاد- تقرير
في وقت يسيطر فيه الخوف على الأوساط الاقتصادية في أوروبا نتيجة أزمة الطاقة التي تعيشها القارة القديمة والشتاء العنيف الذي تنتظره، يأتي ضعف اليورو وهبوطه لأدنى مستوياته منذ 2002 مع ارتفاع التضخم، ليشكل عبئاً ثقيلاً يضاف إليها، في وقت يشهد الدولار الأمريكي انتعاشاً.
هبوط اليورو أمام الدولار
تراجع اليورو مقابل الدولار، اليوم الخميس، بنحو 0.52% مسجلاً 1.0007 دولاراً.
وفي التعاملات المسائية أمس الأربعاء، ولفترة وجيزة ارتفع الدولار الأمريكي أمام اليورو الأوروبي قبل أن يتعادل معه فيما بعد.
وكان اليورو، يفقد قوته مقابل الدولار منذ بداية العام الحالي، عندما كان يحوم بالقرب من 1.13 دولار، وسط حملة قوية لمكافحة التضخم من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
ارتفاع الدولار
ارتفع الدولار الأمريكي في وقت مبكر من التعاملات الأوروبية، اليوم الخميس، واستمر في مسيرته التي لا هوادة فيها على ما يبدو إلى الأعلى على خلفية التوقعات برفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بشكل كبير بعد إصدار بيانات التضخم الساخنة الأخيرة.
وفي الساعة الثالثة صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة (7 بتوقيت غرينتش) تمَّ تداول مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأمريكية مقابل سلة من ست عملات أخرى، بنسبة 0.6 ٪ أعلى إلى 108.430، أي أقل بقليل من ذروة عقدين عند 108.560 التي وصل إليها في وقتٍ سابق من هذا الأسبوع، وفقاً لموقع “Investing” الاقتصادي.
وجاءت المكاسب بعد صدور مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكي لشهر يونيو/حزيران الماضي، والذي ارتفع بنسبة 9.1٪ على أساس سنوي، ليصعد إلى أعلى مستوى جديد له في أربعة عقود.
كما أدى ذلك إلى زيادة التوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يرفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس في اجتماعه هذا الشهر بدلاً من 75 نقطة أساس كما كان متوقعاً.
وعززت تعليقات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، رافائيل بوستيك، هذه التوقعات.
وقال بوستيك إنَّ “كل شيء قيد التشغيل لمكافحة ضغوط الأسعار، مما يعني أن النسبة المئوية الكاملة كانت احتمالاً واضحاً”.
من المستفيد من هبوط اليورو أمام الدولار؟
بحسب وسائل إعلام أمريكية، يعتبر الدولار القوي خبراً جيداً للأمريكيين الذين يفكرون في قضاء إجازة في أوروبا، أو شراء البضائع في الخارج، لأنهم سيحصلون على يورو أكثر مقابل الدولار الواحد.
كذلك، من الممكن أن تنخفض أسعار السلع مثل الحبوب، ويحتمل أن يخفف من التضخم الذي لا هوادة فيه الذي أدى إلى ارتفاع نفقات الأسر والأعمال في السوق الأمريكية.
توقعات المفوضية الأوروبية
وفي وقتٍ سابق، أعلنت المفوضية الأوروبية عن توقعات اقتصادية جديدة وخفضت من توقعاتها للنمو للاتحاد الأوروبي، في حين رفعت من توقعاتها للتضخم في نهاية 2022 و2023، نتيجة ارتفاع الأسعار وخطر نقص الطاقة في فصل الشتاء.
ويضع هذا البنك المركزي الأوروبي في موقف صعب حيث تتعرض العملة الأضعف لخطر دفع التضخم المرتفع بالفعل إلى مستوى قياسي، ومع ذلك فإن أي تحرك من جانب البنك المركزي الأوروبي للرد بنسخته الخاصة من الزيادات السريعة في أسعار الفائدة من شأنه أن يزيد الضغط على الاقتصاد الذي تضرر بالفعل بشدة من ارتفاع تكاليف الطاقة.
ورأت التوقعات أن التضخم في منطقة اليورو سيسجل 7.6% هذا العام، مع وضع الصراع الروسي الأوكراني ضغطاً مباشراً على الاقتصادات الأوروبية.
وتأتي توقعات المفوضية الأوروبية، الذراع الأيمن للاتحاد الأوروبي، في وقت تترقب فيه الأسواق بيانات التضخم بشدة، خاصة بعد تجاوز التضخم الأمريكي لتوقعات المحللين ليضرب 9.1% زيادة سنوية عن شهر يونيو.
التكافؤ بين اليورو والدولار
يعتبر الدولار ملاذاً آمناً، واكتسب قوة مع قيام المستثمرين بالمناورة في مجال اقتصادي غير مؤكد في أوروبا وأماكن أخرى.
وعلى الرغم من المخاوف، وصف بعض المحللين التكافؤ بين اليورو والدولار بأنه معلم “نفسي” لن يكون بالضرورة نقطة تحول للعملة، والتي كانت بالفعل بعيدة عن ذروتها لعام 2008 بالقرب من 1.60 دولار
المتداول في سوق المال والعملات الرقمية فارس المغربي، يقول لوكالة ستيب الإخبارية، إن أحداث أوكرانيا لا تزال تعكس سلباً على الاقتصاد الأوروبي ككل.
ويضيف: “تشهد أسواق المال حالياً ارتفاعاً كبيراً في مؤشر الدولار والمسمى DXY، الذي وصل لمستويات 108.5، وهي المرة الأولى التي يصل فيها إلى هذا المستوى”.
ويوضح أن كل هذه العوامل أثرت على ضعف عملة الاتحاد الأوروبي، وهو ما يوحي بتوجهها إلى مستوى “0.9”، معتبراً أنها تمثل ضربة موجعة لعملة الاتحاد الأوروبي مقابل نظيرتها الأمريكية.
ولفت المغربي إلى أن تساوي الدولار باليورو قد يعتبره البعض خبراً مفرحاً ممن يتعاملون بالعملة الأمريكية إلا أن تراجع عملة الاتحاد الأوروبي يشير إلى “تباطؤ وتيرة التجارة العالمية، وسط مخاوف من الركود ووصول التضخم لمستويات عالية هذا العالم”.
فيما يشير تقرير لوكالة “بلومبرغ” الأمريكية، أن قرابة 60% من واردات منطقة اليورو تتم بعملة الدولار الأمريكي، ما يعني أن الغلاء سيسجل قفزات جديدة في حال استمرار تراجع العملة الأوروبية الموحدة.