أبعاد- تقرير
تتنوع وسائل الفساد وهدر المال العام وسرقته في العراق، وفي مختلف القطاعات، الا ان أبرز ملف تتراكم فيه شبهات الفساد وتنتشر فضائح حوله، هو قطاع الضرائب وما يتعلق بالتجارة الخارجية عمومًا.
ومن أبرز الملفات المشبوهة في التجارة الخارجية، هو المبيعات الكبيرة من العملة الصعبة بما لا يتناسب بشكل واضح مع حجم التجارة والاستيرادات، فضلًا عن كمية الاستيرادات الخارجية التي تراوح سنويًا قرابة ٣٠ مليار دولار، فيما لا يحصل العراق الا على ضرائب لثلث هذه الاستيرادات فقط، ولا تعلم شيئًا عن الثلثين المتبقين من الاستيرادات، لاسباب عديدة اولها دخول هذه البضائع من منافذ لا تسيطر عليها الدولة او من خلال كردستان، فضلا عن اسباب اخرى تتمثل بالاعفاءات الضريبية، حيث تحوز عدد كبير من المؤسسات والشركات والدول على اعفاء من الضرائب ولا تأخذ الدولة اي ضرائب جراء دخول البضائع التابعة لهذه الجهات.
الاعفاءات الضريبية.. علاوي يطلق اشارات ويغادر سريعًا
ويكتنف ملف الاعفاءات الضريبية شيئًا كبيرًا من الغموض، الا انه لم يغب عن كلمات واشارات وزير المالية المستقيل علي علاوي، مايدل على ان ملف “الاعفاءات الضريبية” يقضم اموالا طائلة من الدولة ويلفه الكثير من التزوير، حيث تحصل مؤسسات على اعفاءات ضريبية وهي لاتستحقها على سبيل المثال.
وبالرغم من ان علاوي قال في رسالة استقالته إنه “في الأسابيع القليلة الأولى من تولينا المنصب، وأوقفنا مشاريع عديدة مشبوهة، وفحصنا بعناية جميع طلبات الإعفاءات الضريبية والكمركية”، الا ان عملية جديدة تؤكد أن الاعفاءات الضريبية تستفاد منها مؤسسات كثيرة من بينها “وهمية” حيث تقوم هذه الجهات بتسجيل مؤسساتها كمعامل معينة ولغرض تشجيع الصناعة المحلية، تحصل هذه المعامل على اعفاءات ضريبية مما يتيح لها استيراد سلع ومواد اولية بدون ضرائب بحجة استخدامها في عملها داخل المعمل، الا انها تقوم ببيعها فتزداد ارباحها كونها دخلت بلا ضريبة.
حيث كشفت هيئة المنافذ الحدودية العراقية عن ضبط عدد من المصانع الوهمية، قالت إن أصحابها حصلوا على إعفاءات جمركية وضريبية بمبالغ تصل إلى مليارات الدنانير.
وقالت هيئة المنافذ الحدودية العراقية في بيان لها، إنها “تمكنت من ضبط معامل ومصانع وهمية سبق أن استحصل أصحابها على إعفاءات جمركية وضريبية بشكل مخالف للضوابط”، مبينة أن “عملية ضبط المصانع تمت بعد استحصال قرار قضائي يتضمن الموافقة على الانتقال الى مكان وجود مجموعة من المصانع المزعومة للكشف على حقيقة وجودها”.
وأضافت أنه “تبين أن تلك المصانع وهمية، وهي عبارة عن محال صغيرة لا ترتقي الى أن تكون معملا أو مصنعا يتطلب منحه إعفاءات من الرسوم”، مؤكدة أن “ذلك يعد عملية احتيال على مؤسسات الدولة المختصة بمنح الإعفاءات، والتي تتحمل المسؤولية الكاملة نتيجة عدم تدقيقها المعامل والمصانع قبل منحها كتب الإعفاء، وكذلك عدم جديتها في متابعة وصول تلك المواد المعفاة إلى الجهات المستفيدة”.
وأشارت الى أن “أصحاب هذه المعامل والمصانع الموجودة في محافظة البصرة قاموا باستخدام المواد التي تم إعفاؤها من الرسوم الجمركية والضريبية لغير الغرض الذي منحت من أجله الإعفاءات وبكميات كبيرة جدا، تصل قيمتها الى مليارات الدنانير، ما سبب هدراً للمال العام”،
مؤكدة أنه “تم تنظيم محضر ضبط أصولي وعرضت الكيفية أمام أنظار قاضي التحقيق، الذي بدوره أصدر قراراً بإحالة الملف الى مديرية تحقيق نزاهة البصرة للتحقيق فيه حسب الاختصاص، وتحت إشراف قاضي النزاهة في المحافظة لمحاسبة كل من له صلة بهذه الأعمال المشبوهة والتي تستهدف الاقتصاد العراقي في الصميم”.
هذه العملية تنفي حديث علاوي عن تدقيق الاعفاءات الضريبية بالكامل، وتطرح تساؤلات عن مدى استشراء هذه الثقافة في مؤسسات اخرى وكم عدد المؤسسات “الوهمية” التي تحصل على اعفاءات.