بعد نحو عامين من تغيير سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، عاد الحديث عن امكانية اعادته الى سابق عهده والتداعيات التي من الممكن ان يخلفها هذا التغيير.
وبالرغم من التأكيدات على ان تغيير سعر صرف الدولار من صلاحيات البنك المركزي العراقي الا ان الكثير يعول على الحكومة الجديدة بتعديل السعر واعادته الى ما كان عليه.
وفي أواخر 2020 أعلن البنك المركزي العراقي رسمياً عن تعديل سعر صرف الدولار الأميركي ليكون 145 ألف دينار مقابل كل 100 دولار، وفقاً للموازنة العامة للدولة لعام 2021 التي أقرها مجلس النواب.
ويقول عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر، إن “إعادة سعر صرف الدولار الى وضعه السابق من صلاحية الجهة التنفيذية حصراً (الحكومة)، ولا نعتقد ان هناك أي توجه للحكومة الجديدة بتغيير سعر الصرف، وهذا ما اكدت اكثر من جهة مختصة خلال الفترة الماضية”.
واضاف كوجر ان “تغيير سعر الدولار بين حين واخر، يكون له تداعيات كبيرة على السوق المحلي والوضع الاقتصادي بصورة”.
واستبعد عضو اللجنة المالية، “إعادة سعر صرف الدولار الى وضعه السابق حتى من قبل الحكومة الجديدة خلال المرحلة المقبلة”.
من جهتها، أكدت النائبة عن كتلة صادقون البرلمانية زينب جمعة الموسوي على “ضرورة مضي محمد شياع السوداني في تغيير سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي”.
وقالت النائبة عن كتلة الصادقون البرلمانية زينب الموسوي في بيان حصلت، إن “مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الحكومة العراقية محمد شياع السوداني عليه المضي في تنفيذ السياسة الاقتصادية الإصلاحية التي يعتزم تنفيذها عند ترأسه الحكومة الذي بات قريبًا جدًا”.
وأضافت، أن “خطوة من خطوات الإصلاحات الاقتصادية في العراق هو إعادة سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار الأميركي من سعر 1450 دينار إلى 1180 دينار مقابل 1 دولار”.
وأشارت إلى أن “تغيير سعر صرف العملة العراقية ادى لأضرار اقتصادية و مالية في العراق و تدهور في حالة السوق المحلية”.
وختمت الموسوي بيانها “خفض سعر صرف الدينار العراقي سيؤدي إلى انخفاض أسعار العقارات و المواد الغذائية و الاستهلاكية و الانشائية و يحدث استقرارا في السوق المحلية”.
من جانبه، يقول المستشار المالي لرئيس الوزراء، مظهر محمد صالح: “نحتاج إلى الطبخ على نار هادئة ومراقبة الأسعار حتى نهاية عام 2022، وأسعار النفط والاحتياطات الأجنبية”، مؤكداً أن “تغيير سعر الصرف ممكن، لكن يحتاج إلى صبر ودراسة دقيقة”.
وزاد أن “هناك حقائق ثابتة على الأرض، فسعر صرف الدينار مقابل الدولار يتبع الثبات، وهو ليس اعتباطاً، بل تعاقداً بين البنك المركزي العراقي ووزارة المالية لأن عرض العملة الأجنبية يأتي من وزارة المالية 100 في المئة، وهي المصدر الوحيد لها في البلاد”. وأضاف صالح “لكن البنك المركزي يتعامل بالدولار للحفاظ على احتياطي النقد ومنع التضخم. والتاريخ المالي العراقي الحديث يشهد تعاوناً في تحديد سعر صرف الدولار بين البنك المركزي ووزارة المالية”.
وشدد على أنه جرى “الاتفاق مع وزارة المالية على تحديد سعر صرف الدولار لمدة ثلاث سنوات، ولكن تغييره صار أمراً مفاجئاً وضمن سياسة الصدمة. وهناك حدود للتغيير في سعر صرف الدولار وليس قضية سياسية أو شعبوية”.
وزاد أن “الحد الأول وفقاً لأسعار السلع والسوق، وآنذاك البنك المركزي سيدافع عن ثبات الأسعار بموجب الاحتياطي الذي هو الأعلى في تاريخه الآن، ولدينا فائض مشجع لنهاية العام من 8 إلى 10 في المئة”.
وأشار إلى أنه “إذا انفلتت الأسعار والسياسة المالية لا تدافع عن قوت الفقراء ورواتب الحماية الاجتماعية سيتدخل البنك المركزي من خلال رفع القوة الشرائية للبنك المركزي من خلال احتياطه الأجنبي”.
وتابع صالح “من المنطق أن لدى السياسة المالية حزمةً للدفاع عن المعيشة والتخفيف عن الطبقات الفقيرة وللرعاية الاجتماعية وتعويض المزارعين عن فروقات أسعار الحبوب، والحكومة تحافظ على أسعار الوقود والخدمات الحكومية ثابتة. وهذا الثبات نوع من الدعم الذي ارتفع إلى 15 في المئة من الناتج المحلي”.
وبشأن تغيير سعر صرف الدولار قال مستشار رئيس الوزراء، “كل شيء ممكن، لكن نحتاج إلى الصبر في تغيير سعر صرف الدولار في حال ارتفاع الأسعار والسياسة المالية غير قادرة على تغطية الدينار”، منوهاً بأن “قانون الأمن الغذائي إذا لم يستطع تأمين المتطلبات في حال ارتفاع الأسعار فسيتدخل البنك المركزي لحفظ قوة الدينار مقابل الدولار”.
بدوره، يرى الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أنه “كان لرفع سعر صرف الدولار مقابل الدينار اثرا واضحا في ارتفاع المستوى العام للاسعار ولكنه لم يكن السبب الوحيد وانما كان هناك اسبابا اخرى منها جائحة كورونا التي ادت الى اغلاق الاقتصاد العالمي وتضرر سلاسل التوريد وارتفاع كلف الشحن والنقل وحالة الجفاف العالمي التي ادت الى زيادة كبيرة في اسعار المواد الغذائية فضلا عن ارتفاع اسعار الطاقة في العالم والحرب الروسية – الاكرامية التي ادت الى ارتفاع كلف الانتاج في معظم دول العالم التي تعاني اليوم من التضخم وشبح الركود الاقتصادي”.
وأضاف: “على ذلك فإن السعي الى تخفيض سعر الدولار مقابل الدينار بنسبة ٢٣٪ لغرض اعادته الى مستواه السابق سيؤدي الى تخفيض ضئيل في مستوى الاسعار الداخلية في العراق لن تزيد عن ٥٪”، مبينا “لان ارتفاع مستوى الاسعار لم يرتبط بتغير سعر الصرف فقط وانما كان مرتبطا بمجموعة من العوامل كما ان مرونة الاسعار في الصعود كبيرة لكنها محدودة في النزول وهذه حقيقة يعرفها كل الاقتصاديين”.
وتابع المرسومي: “لذلك من النادر ان تجد اقتصاديا عراقيا يؤيد فكرة العودة الى السعر القديم نظرا لتكاليفها الباهظة ونتائجها الاقتصادية الكارثية من دون ان تؤدي الى تخفيض مهم في الاسعار وتحسين معيشة الفقراء”.
وأكد المرسومي أنه “على السياسيين اذا فعلا يهمهم امر الفقراء ان يجدوا فرص عمل لهم من خلال تنويع الاقتصاد وتطويره وتحسين الخدمات وتطوير نظام الحماية الاجتماعية بدلا المورفين الذي يحاولون به تخدير الناس من خلال ايهامهم بأن مشكلتهم تكمن فقط في رفع سعر صرف الدولار والحل في اعادة سعر صرف الدينار الى ما كان عليه”.