أبعاد- تقرير
اتهم سياسي عراقي بارز، أجهزة مخابرات وجهات دولية بالمشاركة في سرقة التريليونات التي باتت تعرف بـ”سرقة القرن”، لكنه توقع تسويفها لتجنب الاقتراب من “الخطوط الحمر”، وفيما ذهب نائب في البرلمان، إلى أن اعتقال أحد المتهمين البارزين فيها، سيؤدي إلى الإطاحة بـ”رؤوس كبيرة”، شكك مراقب في الأمر، مرجحا أن تنتهي بتحميل أشخاص هامشيين مسؤولية السرقة وعدم الاقتراب من المخططين الكبار.
ويقول النائب باسم خشان، إن “من المستبعد أن يتم تسويف قضية (سرقة القرن) كما حصل في الكثير من القضايا سابقا، فهذه تختلف عن جميع القضايا، خصوصا أنها أصبحت قضية رأي عام داخلي وخارجي”.
ويتابع خشان، أن “من الممكن جدا إفلات بعض الشخصيات المتورطة والمتهمة منها، لكن لن يتم تسويفها، وهناك رؤوس كبيرة سوف تطيح بها هذه القضية، بينها وزراء ومسؤولون كبار معروفون جدا لدى الشارع العراقي والعالم أجمع”.
ويشير إلى “أننا في مجلس النواب لن نسمح بتسويف هذه القضية من أي جهة كانت وتحت أي ظرف، خصوصا أن القضية الآن معروضة أمام القضاء العراقي الذي يجري التحقيقات، وهو بعيد عن أية ضغوطات، ولذا سوف يطاح برؤوس مسؤولين وقيادات بارزة خلال المرحلة المقبلة”.
يشار إلى أنه ليلة أمس الأول، جرى اعتقال نور زهير، أحد أبرز المتهمين بسرقة أموال هيئة الضرائب العامة والبالغة 2.5 مليار دولار، قبيل إقلاع طائرة خاصة كانت من المفترض أن تقله من مطار بغداد الدولي إلى تركيا.
وأثار اعتقاله أسئلة عديدة حول عدم صدور منع سفر بحقه، إلى جانب مدراء الشركات الأخرى المتهمة بسرقة المبلغ، لكن سربت بعد وقت قصير وثائق تشير إلى صدور مذكرات منع سفر بحق جميع مدراء الشركات المتهمة بتاريخ 20 من الشهر الحالي.
وكشف اعتقاله عن خفايا عديدة، صدر بعضها ببيانات رسمية، حيث كان الإعلان الأول من قبل وزير الداخلية عثمان الغانمي، الذي أكد أنه جرى اعتقال زهير، وأشار إلى مساندة القضاء الذي أصدر الأوامر المطلوبة بشكل سريع.
من جهته، يبين السياسي العراقي البارز مثال الآلوسي أن “قضية السرقة سوف يتم تسويفها بلا شك، وهناك جهات وشخصيات متورطة ومسؤولة عن السرقة لن يتم الكشف عنها ولن تتم محاسبتها، وهناك بعض الأسماء المغمورة هي من سوف تتحمل المسؤولية كاملة عن هذه السرقة الكبيرة والخطيرة”.
ويضيف الآلوسي أن “عملية السرقة تمت عبر شبكة مخابراتية دولية، وفقا لمعلومات وصلت إلينا من شخصيات وجهات من خارج العراق وليس داخله، فهناك أجهزة مخابراتية غربية متورطة بهذه العملية، إضافة إلى أن هناك دورا بارزا فيها للحرس الثوري الإيراني وشبكة تابعة له”.
ويستطرد الآلوسي أن “هناك خطا أحمر في العراق لا يمكن تجاوزه مهما كانت السرقات وعمليات القتل وغيرها، وحتى القضاء لا يمكنه تجاوز هذا الخط، والذي يمثله كل من رؤساء الوزراء وقادة الأحزاب المتنفذة والسفارة الإيرانية والسفارة الأمريكية والسفارة البريطانية، ولهذا لن تكون هناك محاسبة حقيقية للأشخاص والجهات الرئيسة المخططة والسارقة لهذه الأموال”.
ويواصل الآلوسي أن “قضية السرقة سوف تسوف في النهاية، وسوف يتحملها أشخاص غير معروفين، وهذا هو السيناريو الأقرب خلال المرحلة المقبلة، وهذا الأمر سوف يتكرر مع كل قضية فيها متورطون من الخطوط الحمر في العراق، التي لا يمكن أن يتجاوزها أحد”.
وكانت هيئة النزاهة أصدرت، أمس الثلاثاء، بيانا مطولا، أكدت أنه تم بخس حقها في هذا الملف، وأنها كانت من أوائل الجهات التي حققت فيه وأرسلت الملفات إلى القضاء، لكن أشارت إلى أن مذكرات منع السفر الصادرة عن القضاء لم تصل إلى المطار وجرى تأخير عرضها ووصولها خشية هروب المتهمين.
كما انتشرت بعض الصور لزهير وهو مودع في الحبس، ومن ثم أعلنت وزارة الداخلية عن تسليمه إلى هيئة النزاهة لغرض اتخاذ الإجراءات اللازمة بحقه.
إلى ذلك، يفيد الكاتب والمحلل السياسي فلاح المشعل بأن “السرقة التي وقعت هي نتاج للفساد الراسخ في الدولة العراقية بسبب الطبقة السياسية الحاكمة، خصوصا أن الفساد في العراق أصبح هو من يصنع الحكومات ويصنع الوزراء والوزارات من خلال بيع المناصب في الدولة”.
ويشير المشعل إلى أن “عملية السرقة الكبيرة لا يمكن أن يكون المتورط فيها فقط هؤلاء الأشخاص الخمسة الذين تم اعتقال أحدهم في مطار بغداد الدولي، فهذه العملية وراءها جهات سياسية متنفذة وحتى جماعات مسلحة بارزة، بل وحتى شخصيات دينية وبعض الدول”.
ويضيف “نتوقع أن هناك بعض الأسماء والشخصيات هي من سوف تتحمل مسؤولية السرقة ولا يتم كشف أو محاسبة الجهات والشخصيات الحقيقية وراء هذه الشبكة أو المافيا، خصوصا أن أكثر من جهة سياسية متورطة في هذه السرقة، ولهذا أصبح الفساد جامعا للكتل والأحزاب حتى المتصارعة في ما بينها”.
ويتابع الكاتب والمحلل السياسي، أنه “وفق المعلومات المتوفرة، هناك اعترافات على تورط وزراء ووكلاء وزراء ومدراء عامين وشخصيات بارزة أخرى، ونأمل من الجهات القضائية كشف أسماء هؤلاء ومحاسبتهم”.
وكان قاضي محكمة تحقيق الكرخ المتخصصة بقضايا النزاهة ضياء جعفر، ذكر في تصريح للإعلام أمس الثلاثاء، بأن الأموال المهدورة في أمانات الضرائب صرفت بتواريخ سابقة من العام 2021، وأن ما يثار حول وجود تأخير في إجراءات التحقيق غير صحيح، مبينا أن قيمة المبالغ المهدورة من الأمانات بشكل دقيق حتى الآن غير محصورة، وتم إطلاق سراح ثلاثة من المتهمين الخمسة في هيئة الضرائب بكفالة، مشيرا إلى إيقاف المدير العام لهيئة الضرائب ومعاونه ومتهم آخر في إقليم كردستان.
وفيما نفى جعفر أي اعتراف من المتهم الموقوف نور زهير جاسم بتورط وزراء ومسؤولين آخرين، أكد أن جميع المتهمين في القضية متواجدون داخل العراق، وتم وضع اليد على أغلب الأموال التي سرقت من هيئة الضرائب، أما المبلغ الذي تم تهريبه من أمانات الضرائب إلى خارج العراق فهو غير معلوم.