امينة صبحي
“الله هو الحافظ من كل الامراض والشرور، نحن نسير في رعايته، لم يخبرنا ابائنا عن كورونا ولم تزرنا أي فرقة من وزارة الصحة”، هكذا يبدأ أبو خلف البدري حديثه عن وباء كورونا في ظهيرة اليوم الأخير شهر من تشرين الأول، ويقول لكاتب التقرير بلغته العامية “نحن هنا لا نؤمن بغير الله.. هذه خرافات من اين جئتم بها”.
يتنقل أبو خلف في صحاري محافظة واسط بحثا عن أماكن الكلا لقطيع انامه الذي يتجاوز الـ 200 رأس غنم وحوالي 10 جمال، ومثله العشرات من العوائل البدوية، وفي الصدفة تعرف كاتب التقرير على أبو خلف اثناء مسيره الى احدى قرى بدرة وجصان القريبة من الحدود العراقية الإيرانية، لتكون المفاجأة ان أبو خلف وجميع عائلته لم يسمعوا ولا مرة أي اخبار ومعلومات حول كورونا.
وساهمت العقود الطويلة من الحروب والصراعات المسلحة في مضاعفة ما يعانيه البدو الرُحَل في العراق، والذين يتراوح عددهم اليوم ما بين 150 و170 ألف وفقا للإحصاءات الرسمية، من عزلة و”تهميش” يهددان باندثار التراث الخاص بهم.
يصر أبو خلف على عدم تصديقه فكرة ان وباء عالميا قتل ملايين البشر وأصاب مئات الملايين انتشر في السنوات الأخيرة، ويقول “في أيام زمان كانت الفرق الصحية تتحول في هذه المناطق وتعطي اللقاح لبعض الامراض مثل الحصبة والجدري، لكن فيروس كورونا من اين جاء؟”.
وحول فكرة اللقاح يقول أبو خلف انه يعرف عشرات العوائل البدوية لم تتلقاه، وحتى وان عرفت الفيروس واللقاح سيرفضونه رفضا قاطعها، ويوضح “الناس هنا يؤمنون بالله ورسوله والائئمة وهم الحافظون”.
ويقول الخبير الاجتماعي حاتم الياسري ان “مجموعات البدو تعيش عزله تامة عن المجتمع وعن التكنلوجيا والتطور، وذلك لاسباب تتعلق بطبيعة حياتهم وحيواناتهم التي تتطلب التنقل في الصحاري، فضلا عن الموروث البدوي الذي يعتمد على تناقل المعلومات الحياتية من الإباء الى الأجداد”.
ويحمل الياسري وزارة الصحة مسؤولية عدم تخصيصها فرقا خاصة لتلقيح سكان البدو خاص وان اعداداهم تقدر بعشرات الالاف، يقول ان “بإمكان وزارة الصحة العراقية اطلاق حملات توعوية وتثقيفية لسكان البدو وذلك بنا يتلائم مع طبيعة حياتهم وفهمهم البسيط للمعلومات اليومية”.
وفض المتحدث باسم وزارة الصحة سيف البدر الرد على كاتب التقرير حول إمكانية وصول فرق من وزارة الصحة الى المناطق التي يسكنها البدو.
ودخل العراق بالفعل في موجة وبائية خامسة في خضم تفشي الكوليرا والحمى النزفية، وهما مرضان أوديا بحياة العشرات من السكان.
إلى ذلك، حذر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس من أن موجات جديدة من الإصابات بكورونا تُظهر أن الوباء “لم يقترب حتى من نهايته”.
وقال غيبرييسوس في مؤتمر صحفي إن “موجات جديدة من الفيروس تظهر مجددا أن كوفيد-19 لم يقترب من نهايته”، مضيفاً “بينما يضغط الفيروس علينا، يتعين أن نتصدى له”.
وأشار بيان سابق لوزارة الصحة ان”مشكلة وجائحة كورونا قائمة ،ومن يراجع خطابات وزارة الصحة والمسؤولين فيها يلحظ التأكيد المستمر وعلى الداوم بأن الخطر مستمر ،وهناك احتمال بظهور متحورات جديدة”.
وأضاف: “كذلك شددنا وما زلنا على أهمية عدم التراخي بتطبيق الإجراءات الوقائية لكن للأسف لم يكن وفق المطلوب”.
وحول الموقف الوبائي الحالي في العراق أكت الوزارة: “نلاحظ أن هناك تفاوتاً في عدد الإصابات اليومية ونسلط الضوء عن كثب على كافة المستجدات وبالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية وقد تكون هناك تطورات تدخل البلاد في موجة وبائية كما يحدث الآن في دول قريبة من العراق”.
ولفتت إلى أن “هناك مؤشرات تبين بوضوح أن جائحة كورونا لم تنتهِ وندعو الجميع الى تلقي اللقاحات وإكمال الجرعتين وتعزيزها بالثالثة خاصة وأن اللقاحات أثبتت فاعليتها”.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا.