تقرير – أبعاد
ما يزال العراق يفتقر لقانون ضد العنف الأسري، رغم تصويت الحكومة العراقية في شهر آب من عام 2020، على مسودة مشروع قانون الحماية من العنف الأسري، إلا أن المشروع منذ ذلك الحين ينتظر المصادقة عليه في مجلس النواب، وسط تجاذبات حادة حوله تشريعيا وسياسيا.
وازداد العنف الاسري خلال السنوات الثلاثة الاخيرة، إذ أعلنت وزارة الداخلية في اخر احصائية لها، تسجيل نحو 2000 حالة تعنيف للأطفال من قبل ذويهم من خلال النصف الأول من العام الحالي.
وقال مدير مديرية حماية الأسرة والطفل من العنف الأسري، التابعة للوزارة، اللواء علي محمد سالم في تصريح تابعته “أبعاد”، إن “مديريتنا سجلت خلال النصف الأول من عام 2022 ضمن الإحصائيات الجنائية للحوادث نحو 2000 حالة تعنيف للأطفال من قبل ذويهم سواء الذكور والإناث والبالغين والأحداث”، موضحاً أن “هنالك إجراءات تتخذ من قبلنا ضد الجاني وفق المادة 413 من قانون العقوبات التي يصل حكمها إلى 3 أشهر مع غرامة مالية، إذا كان هناك تقرير طبي عدلي أولي يثبت الإصابة بالكدمات أو الآلة الراضة أو الآلة الحادة التي استعملها الأب أو الأم أو الأخ”.
وأضاف سالم أن “المفارز الجوالة مستمرة في القاء القبض على الأطفال الذين يتسولون ويتم اتخاذ الاجراءات القانونية، لكن هناك نظرة لدى مجلس القضاء الاعلى بعدم زج هؤلاء الأطفال في السجون وإنما يكون هناك تعهد وكفالة ضامنة من قبل الولي او الوصي وهو الاب او الام بعدم تكرار هذا الفعل”.
وتابع أن “هناك نص مادة ضمن قانون رعاية الأحداث هي المادة 30، بأن تفرد أوراق تحقيقية بحق الأب أو الولي أو الوصي ويحاسب ويصل الحبس لمدة لا تزيد على سنة إذا قام هذا الأب بتشجيع ولده على جلب المال بطريقة التسول لكن لحد الآن لم يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق هؤلاء أولياء الأمور لكن يتم توقيعهم على تعهد وإطلاق سراح أولادهم بكفالة بعدم تكرار هذا الفعل مستقبلا”.
وأوضح سالم أن “هناك سببا آخر وهو عدم اتساع دور الدولة من خلال وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لاستيعاب هؤلاء الأطفال في هذه الدور لغرض تربيتهم وإعادة تأهيلهم مرة ثانية واندماجهم إلى المجتمع، وأن سبب ذلك يعود إلى ضعف الحالة الاقتصادية للأب أو الأم وعدم المقدرة المالية على العيش، فاتخاذ التسول مهنة أو وسيلة يتبعها هؤلاء الآباء لغرض كسب المال”.
بدوره، يقول مدير عام الشرطة المجتمعية العميد غالب العطية، في تصريح تابعته “أبعاد”، إن “دوافع كثيرة وراء زيادة العنف الأسري في المجتمع منها المخدرات والفقر والبطالة، فضلاً عن المشاكل الاجتماعية لاسيما في المناطق الفقيرة”.
وأضاف العطية، أن “مواقع التواصل الاجتماعي كان لها دور سلبي في زيادة حالات العنف الأسري في المجتمع”، موضحاً أن “الشرطة المجتمعية تعمل بالتعاون والشراكة مع باقي المؤسسات الأمنية والحكومية من أجل معالجة ظاهرة العنف الأسري”.
وأكد “ضرورة تضافر الجهود من قبل المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني إلى جانب دور الإعلام للحد من هذه الظاهرة”.
ووفق إحصائيات وزارة الداخلية لعام 2021، فقد تم تسجيل 873 حالة عنف أسرية، توزعت بواقع 786 حالة ضد المرأة و87 حالة ضد الأطفال.
لكن المنظمات المدافعة عن حقوق الطفل والمرأة، ترى أن الأرقام الحقيقة تفوق الاحصائيات الرسمية المعلنة، حيث أن معدل عدد حالات التعنيف بحق الأطفال والنساء وفقها يبلغ نحو ألف حالة مسجلة خلال عام فقط، لكن الواقع وفق تلك المنظمات يشير لأضعاف مضاعفة من حالات التعنيف الأسري، والتي تبقى في جلها طي الكتمان ولا يتم ابلاغ الجهات الأمنية والصحية المسؤولة بوقوعها، وخاصة في الأرياف وضواحي المدن والعشوائيات.
من جهتها، تقول سارة الحسني رئيسة منظمة “ساندها” لحقوق المرأة، إن “ثمة تصاعد مخيف في حالات العنف الأسري خلال العام الحالي بالبلاد، حيث يسود انعدام الضمير وغياب حس المسؤولية الإنسانية والأخلاقية لدى مرتكبي العنف، علاوة على عدم الخوف من القانون بسبب التسويات العشائرية غالبا التي تطوي ملفات مثل هذه الجرائم بطرق التفافية غير منصفة، وخصوصا فيما يتعلق بقضايا العنف الأسري التي تتعلق بالنساء”.
وأضافت الحسني “خصوصا مع سماح القانون بالتعنيف حسب المادة 41 من قانون العقوبات العراقي التي تبيح ممارسة العنف بحجة التأديب بحق المرأة والطفل، والتي طالبنا مرارا وتكرارا بإزالتها، كونها ضد حقوق الإنسان عامة، وتزيد من خطر اتساع ظاهرة تفكك الأسرة وتحط من كرامة النساء والأطفال العراقيين”.