أبعاد
كتب / محمد عبد الجبار الجبار الشبوط ||
المنهاج الوزاري هو المعيار الرابع الذي نقوم بتقييم الحكومة من خلاله.
المنهاج الوزاري للحكومة ذو اهمية قصوى على المستوى الدستوري والشعبي. فالحكومة تنال ثقة الاغلبية المطلقة لمجلس النواب على اساس منهاجها الوزاري. ويتم تقييم اداء الحكومة على اساس ما حققته من الاهداف المذكورة في منهاجها.
ويمكنني القول ان المنهاج الوزاري الذي قدمه رئيس مجلس الوزراء الى البرلمان “رائع” اذا اردنا النظر اليه كنص ادبي سياسي انشائي. لانه يمثل افضل ما يمكن ان يكتبه كاتب صحفي متابع للشأن العام. لكن المنهاج الوزاري لا يكتبه كاتب صحفي، ولا استاذ جامعي، بهذا الوصف، انما يكتبه شخص او مجموعة اشخاص من موقع المسؤولية القيادية والتنفيذية في الدولة، وهم الاشخاص الذين تقع على عاتقهم مسؤولية اتخاذ القرارات الادارية والمالية المتعلقة بشؤون الدولة والناس.
يجب ان ينطلق المنهاج الوزاري من رؤية او نظرية شاملة للدولة تتبناها الحكومة او الحزب او الائتلاف الحاكم. وهذا ما تفعله الاحزاب في الديمقراطيات السليمة، وليس من بينها العراق بطبيعة الحال.
لم تقدم الاحزاب السياسية نظرية شاملة للدولة. واذا كانت الدول نوعين: حضارية ديمقراطية حديثة، او سلطانية تقليدية، فان هذا الوضوح غير متوفر لدى الاحزاب السياسية العراقية لانها في معظمها احزاب سلطانية تقليدية شخصانية في حياتها الداخلية. ومثل هذه الاحزاب لا تستطيع تقديم رؤية حضارية حديثة للدولة.
يحدد المنهاج الوزاري للحكومة في دولة حديثة الاهداف التي تسعى الحكومة الى تنفيذها في الزمن المعطى لها. ولهذا يجب ان تكون الاهداف واقعية ممكنة التنفيذ في اطار زمني محدد، وقابلة للقياس وفق معايير وارقام محددة.
لا اعرف حكومة عراقية منذ عام ٢٠٠٣ قدمت منهاجا وزاريا كتب بهذه الذهنية. ولهذا فلن احمل المنهاج الوزاري لحكومة السوداني فوق طاقته، لكني اغامر بالقول انه غير قابل للقياس في العديد من فقراته.
من الناحية الشكلية يتالف المنهاج الوزاري من الجزء الذي كتبه فريق الحكومة، و ما تم الاتفاق عليه بين الكتل السياسية فيما سمي بورقة المنهاج الوزاري والتي تعتبر “جزءً لا يتجزأ من المنهاج الوزاري”، كما قال. وثمة نقطة جوهرية في ورقة الاحزاب وهي النص على “اجراء انتخابات مبكرة خلال عام”. وهذه العبارة الصغيرة تنسف معظم ما جاء في المنهاج الوزاري ويحول الحكومة الى حكومة مؤقته انتقالية عمرها عام واحد من تاريخ منحها الثقة في ٢٧ تشرين الاول ٢٠٢٢. ونحن نعرف ان اجراء الانتخابات المبكرة يتطلب حل البرلمان الحالي و ينهي ولاية الحكومة الحالية، حيث سيكون على البرلمان الجديد منح الثقة لحكومة جديدة. ولست ادري كيف توصلت الاحزاب الى هذه الفكرة العبقرية وكيف رضي السوداني بهذه القنبلة الزمنية الموقوتة. كان على السوداني ان يضع خطة لمدة عام واحد، ولا يرسم صورة وردية لمصفوفة اهداف كبيرة عريضة كثيرة لا يمكن تحقيقها في عام واحد، والا فكيف يمكننا القبول بقوله ان المنهاج الوزاري يتبنى خطة واقعية قابلة للتنفيذ تتضمن اصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية والخدمية ومعالجة الفقر والبطالة ومكافحة الفساد الاداري والمالي ووقف الهدر بالمال العام وبما بضمن ارساء الحكم الرشيد وتخفيف العبء عن المواطنين بمكافحة التضخم والعمل على استقرار اسعار السلع والعمل على ارياء الامن والاستقرار وانفاذ القانون وتعزيز هيبة الدولة وتلبية مطالب الشعب بشكل عام والشباب المحتجين خصوصا.
هل يمكن تحقيق كل ذلك في عام واحد؟!
لا قيمة لما تبقى من ملاحظات ايجابية او سلبية ما دمنا نتحدث عن عام واحد فقط!