أبعاد
كتب / عبد الهادي مهودر ..
بدأ النقاش العام حول مشروع قانون الخدمة الإلزامية، وهو قانون يلتزم مجلس النواب بتنظيمه بموجب الدستور العراقي وهو من حيث المبدأ يساوي بين العراقيين ولا يحاسبهم إلا وفق المواطنة والسن والقدرة على حمل السلاح ، وليت المشرّع يضع هذه الملاحظة في مقدمة الأسباب الموجبة في مسوّدة القانون الجديدة المنشورة والتي اقتصرت على ذكر الحاجة الملحّة للخدمة الإلزامية لتعزيز قدرات الجيش العراقي ، ولا ندري ماهي الحاجة الملحًة في ظل وجود اكثر من مليون جندي متطوع في القوات العسكرية وأكثر من مليون في الأجهزة الأمنية ، كما نلفت نظر المشرع العراقي الى مأساة قد تتكرر عبر إجبار خريجي المرحلة الإعدادية على السوق الى الخدمة الإلزامية في حال أغلقت وزارة التعليم العالي ابواب القبول المركزي بوجوههم كما حصل لخريجي العام الدراسي( 1983 – 1984) بقرار سياسي ، والغريب أن الفقرة نفسها منقولة نصاً من القانون القديم دون إجراء تعديل يسد هذا الثغرة ويمنع هذا التعسف من التكرار ، ووردت في الفصل الثالث الرقم واحد ( أكمل الدراسة الاعدادية او ما يعادلها ولم يلتحق بإحدى الكليات او المعاهد او ما يعادلها) ، ووفقاً لهذا التفسير سيق الذين نجحوا بمعدل ( خمسين بالمئة صعوداً الى واحد وسبعين بالمئة) الى الخدمة الإلزامية في ذلك العام ولم يسمح لهم بإكمال الدراسة الجامعية ،في حالة غريبة على العلاقة بين وزارتي التعليم والدفاع وبين دائرة القبول المركزي ومديرية التجنيد العامة من أجل سوق آلاف الخريجين الى الخدمة العسكرية على حساب مستقبلهم وأحلامهم في إكمال دراستهم الجامعية ، في سابقة لا تبررها حتى مقتضيات حالة الحرب في ذلك الحين ، لكن تفسيراً او قراراً سياسياً مشابهاً قد يعيد هذه المأساة في ظل القانون الجديد ، والملاحظة الأخرى عن إعفاء دافعي البدل النقدي كما ورد في الفصل الرابع منه ، فقد يجعل البدل النقدي الجندية إلزامية على أبناء الطبقة الفقيرة فقط ، الذين لايملكون غير الهروب المجّاني ، اما فصل العقوبات والغرامات فيعيد الى الذاكرة ظاهرة الهروب ويستوجب تشكيل قوة الانضباط المتخصصة بملاحقة (الفرارية)،والسؤال الذي يطرح نفسه ( ويتمرغل )على الأرض ، ماهي الأسباب الموجبة لزيادة (الفرارية) وتشكيل (الانضباطية) قبل أن نشرّع إلزامية خدمات السكن والاستقرار والصحة والتعليم والعمل والعبور من مناطق العبور ونقضي على زهرة النيل وحشرة الدوباس ؟ ملاحظة: نحن في حالة حرب مع حشرتي الحميرة والدوباس منذ نصف قرن وبلا هوادة ،وسنوافيكم بالتفاصيل لاحقا.