أبعاد: كتب / د. باسل عباس خضير
قبل أيام تعرض مطار بغداد الدولي لحادثتين منفصلتين في يومين متتاليين بسبب حرائق لم تكشف أسبابها فالتحقيقات جارية او انتهت و نتائجها لم تعلن بعد كما هو الحال في كثير من الحالات ، ونجم عن الحادثتين توقف جزئي وكلي للرحلات القادمة والمغادرة في المطار استمر لعدد من الساعات والمطار حاليا يعمل بشكل اعتيادي والحمد لله ، ورغم الحرص الذي يبديه الجمهور للمحافظة على امن وسلامة المطار من كل الحوادث بغض النظر عن مصادرها وبواعثها ومرتكبيها ورغم نجاح الجهات المعنية في الدفاع المدني ومن ساندهم في السيطرة على الحريقين ، إلا إن السؤال يبقى مشروعا فهل يعقل أن تكون العاصمة بغداد بأهميتها المعروفة ومكانتها العالمية وعدد سكانها الكبير ووجهاتها المتعددة بمطار واحد لا غير بلا بديل ، فبعد أن تم توقف العمل في مطار المثنى الذي كان يستخدم للرحلات الداخلية سابقا او كمطار شبه عسكري وتحوله إلى ارض متعددة الاستعمالات جزءا منها يشغل من قبل احد الأحزاب ووضع عليها حجر الأساس لمشاريع للجامع الكبير او المقر الجديد لمجلس النواب او لتشييد مجمعات سكنية او مشاريع أخرى لا نعرف عنها كل التفاصيل ، وبعد أن تحولت ارض مطار الرشيد العسكري إلى موقع ( للحواسم ) ومكانا لتحقيق الأحلام التي لم ينفذ منها شيء ، لم يتبقى في بغداد سوى مطار واحد متعدد الأغراض وهو مطار بغداد الدولي الذي تمت المباشرة بتشييده عام 1979 وتولت بنائه شركات فرنسية وبريطانية وكلف إنشائه أكثر من 900 مليون دولار ، وافتتح بشكل رسمي عام 1982 بمساحته كلية تقدر ب 780 كيلو متر مربع ، و في حينها كان واحدا من اكبر المطارات الضخمة في المنطقة وكان مفخرة العراقيين أيام زمان من حيث التصميم والسعة وتوفير مختلف الخدمات ، ولكنه فقد اليوم الكثير من بريقه السابق نظرا لمرور سنوات طويلة على عمره ولتشييد العديد من المطارات الحديثة في دول المنطقة والجوار .
وبغض النظر عن وجهات النظر بخصوص أداء سلطة الطيران في المطار وشركات الخطوط العاملة فيه إلا انه يبقى محل اعتزاز للعراقيين عامة وسكان بغداد والمحافظات المجاورة بشكل خاص لأنه قدم خدمات كبيرة للجميع منذ تأسيسه ( لحد اليوم رغم توقفه لسنوات بسب الحروب والحصار ) ، ولكن هل من المعقول أن تبقى بغداد بثقلها وسمعتها بمطار واحد رغم المساحة الكبيرة للعاصمة ومقترباتها ، فتعدد المطارات ليس ترفا وإنما حاجة ملحة لان بغداد في 2022 ليست كما هي قبل 40 عام بعد الزيادة العددية للسكان والزحف السكاني إليها وتوسع المدينة لتكون على مساحات بعيدة ، فالمطار الذي صمم ليكون في الإطراف على بعد 16 كيلو متر عن مركز العاصمة أصبح الآن في قلب العاصمة ورغم ذلك فانه على بعد مسافة كبيرة من بعض المناطق التي يفترض أن يخدمها في أطراف بغداد من كل الجهات ، وهو لا يخدم سكان العاصمة فحسب وإنما المحافظات كافة وبالذات القريبة من بغداد التي لا تتوفر فيها مطارات لحد الان ، وبعض المطارات التي انشإت في المحافظات أصبحت اقرب لسكانها من مطار بغداد بسبب عدم إنشاء مطار آخر في بغداد ، ولا نعلم عن أسباب عدم تضمين التخطيط العمراني لمدينة بغداد وضواحيها خطط لتشييد مطارات أخرى لبغداد مما يجعل العاصمة بمطار واحد لا غير وما يترتب على ذلك من صعوبات في الوصول إليه او توفر البديل في الحالات التي تستدعي البديل وفي امتصاص الكثافة و إنعاش المدن والضواحي او من باب الطوارئ وفي أوقات الازمات ، ومشاريع إنشاء مطارات مساعدة وبديلة لمطار بغداد لم نسمع عنها لا من حيث الاستثمار ولا من خلال تبني الحكومة المحلية او الاتحادية لها رغم توفر المساحات الشاسعة في أقامة هكذا مشاريع في أطراف بغداد من كل الجهات ، فما نسمعه هو التوسع حول المطار سواء بإنشاء العاصمة الرديف ( الرفيل ) قرب المطار او إنشاء الجامعات والمجمعات السكنية التي باتت تقترب من موقع المطار ، ولا نعلم كم سنة سننتظر لكي ينشا مطار ثاني وثالث ورابع في بغداد لتلبية الحاجة وتقريب المسافات وتلافي الازدحامات وغيرها من المبررات ؟! .