تقرير – أبعاد
ارباك وتخبط أصاب أسعار صرف الدولار في الأسواق العراقية منذ حوالي أسبوعين، بزيادة نحو 3 دولارات (ما يعادل 4500 دينار) عن سعر الصرف المعتمد الذي كان البنك المركزي العراقي قد أقره، إذ وصل سعر صرف 100 دولار أميركي إلى أكثر من 150 ألف دينار عراقي.
وينعكس ارتفاع سعر صرف الدولار وتذبذبه، سلبيا على أسعار السلع والمواد الأساسية منها والكمالية، وسط خشية بين المستهلكين العراقيين من تواصل ارتفاع الأسعار المرتفعة أصلا، وخاصة بالنسبة لذوي الدخلين المتوسط والمحدود والفقراء.
وأصدر البنك المركزي، اليوم الخميس، توضيحاً بشأن ارتفاع سعر صرف الدولار، فيما اشار الى ان الارتفاع يعود لعوامل عدة ومنها بناء منصة إلكترونية ترفع المصارف طلبات زبائنها عبرها.
وذكر البنك المركزي في بيان تلقته “ابعاد”، ان “الارتفاع البسيط الذي يشهده سعر صرف الدولار في الأسواق المحلية خلال الأيام السابقة يعود إلى بعض العوامل، منها بناء منصة إلكترونية ترفع المصارف طلبات زبائنها عبرها”، مبينا انه “باشر منذ أشهر ببناء تلك المنصة بالتنسيق مع الجهات الدولية لغرض احكام وتنظيم عمليات نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية وتضمن فاعلية الرقابة عليها، حيث تم تكليف شركة دولية متخصصة ببناءها وربط المصارف مع البنك المركزي من خلالها”.
واضاف ان “المنصة تتطلب تقديم معلومات عن الزبائن طالبي التحويل والجهات المستفيدة والمصارف المراسلة الخ”، موضحا انه “لحداثة استخدام هذه المنصة، فأن العديد من الأخطاء يجري اكتشافها مما يتطلب من المصرف إعادة تحميلها، وتأخذ تلك الإجراءات زمنا إضافيا لقبول الطلب وتمريره عبر النظام المالي العالمي”.
وأكد ان “الاحتياطيات والملاءة المالية للدولة عموما بحالة ممتازة وفي أفضل مستوياتها منذ عقود”، لافتا الى ان “العرض الحالي للعملة الاجنبية لا يرتبط بالموارد بل بالإجراءات الإدارية والتدقيقية، مما سيتم تجاوزها خلال الأيام القادمة فضلا عن ذلك”.
ولفت الى “اتخاذه عددا من الإجراءات لتوسيع عرض النقد الاجنبي لتلبية طلب الجمهور على الدولار النقدي”، مؤكدا “توجيه إدارة النافذة لتلبية طلبات المصارف للأيام القادمة بشكل أسرع من خلال تنفيذ طلبات مضاعفة كما تم اعطاء سعر تفضيلي لتنفيذ الاعتمادات المستندية، ولغرض تغطية الطلب المحلي”.
واعتبر مكتب رئيس الوزراء، اليوم الخميس، ارتفاع سعر صرف الدولار أمر مؤقت، مؤكداً العمل على معالجته.
وقال مكتب السوداني في بيان تلقته “أبعاد”، إن “الحكومة تؤكد التزامها بالمحافظة على استقرار السوق المحلية، من خلال دعم استقرار سعر صرف الدولار مقابل الدينار العراقي، وهي تدعم خطوات البنك المركزي بهذا الصدد”.
وأضاف إن “الارتفاع في سعر الصرف أمر مؤقت نتيجة تغيير الآلية التي تعمل بها نافذة بيع العملة الأجنبية في البنك المركزي”، مطمئناً المواطنين بأن “الوضع المالي للعراق في أحسن أحواله”.
ودعا مكتب رئيس الوزراء المتعاملين من مستثمرين وتجار، إلى “ضرورة التعاون مع المصارف والبنك المركزي من خلال العمل وفق السياقات التجارية المعمول بها عالمياً، والاستيراد بموجب الاعتمادات المستندية، كونها توفر ضمانة للمستورد وتحفظ حقوقه وتؤمّن على السلع المستوردة، وتمكّنه للإفادة من التسهيلات المصرفية في تغطية قيمة الاعتماد”.
ويقول عضو مجلس النواب سالم العنبكي في حديث صحفي تابعته “أبعاد”، إن “قسماً من المصارف فُرضت عليها بعض العقوبات، وتلك العقوبات تسببت بارتفاع اسعار صرف الدولار مقابل الدينار في الاسواق المحلية”.
وتوقع العنبكي، “عودة اسعار صرف الدولار الى طبيعتها (من 146.000 دينار – 148.000 لكل 100 دولار”، خلال الاسبوع المقبل”.
وأشار، إلى أن “اعضاء البرلمان عازمون على تعديل سعر صرف الدولار وتخفيضه الى أقل من السعر المفروض في موازنة العام 2021”.
ولفت العنبكي، إلى أن “ارتفاع اسعار صرف الدولار، ألقى بظلاله على الطبقات الهشة وزاد من معاناتهم”، لافتا الى أن “سعر الصرف الحالي زاد الفقير فقراً”.
من جهته، يقول النائب الآخر، سجاد سالم في حديث صحفي تابعته “أبعاد”، إن “قرار خفض سعر الدولار أمام الدينار العراقي متروك لسلطة النقد بالتعاون مع الحكومة لمعالجة السياسة النقدية”.
وأضاف سالم وهو عضو في اللجنة المالية النيابية أن “الحكومة يجب ان تأخذ على عاتقها الاثار السلبية التي خلفها تغيير سعر صرف الدولار وان تعمل على معالجة الخلل”.
وأشار سالم، الى أن “هناك اصرارا نيابيا على معالجة الفقر والبطالة”، مبينا أن “تخفيض سعر صرف الدولار جاء بشكل غير مدروس وأضر بالكثير من الشرائح وزاد من نسبة الفقراء”.
بدوره، قال النائب عزيز شريف المياحي في بيان تلقته “أبعاد”، إن “سعر بيع البنك المركزي للحوالات الى المصارف هو 1460”.
وأضاف المياحي، ان “تلك المصارف تبيع تلك الحوالات بـ 1533 دينارا بهامش ربح يصل الى 73 نقطة للحوالة الواحدة، بمعنى ربح 70 مليون دينار عراقي لكل مليون دولار”.
وأشار، إلى أن “هذا الربح الفاحش والفساد الواضح كان ضحيته المواطن البسيط من خلال ارتفاع اسعار السلع الغذائية والادوية وباقي المستلزمات الحياتية الاساسية كما انه لا يذهب الى خزينة الدولة بل الى جيوب المتنفذين”.
ولفت المياحي، إلى أن “استمرار البنك المركزي بالتفرج والصمت عن هذا الفساد والهدر للمال العام رغم انه جزء مهم من واجباتهم يجعلهم في موقع المسؤولية امام السلطة التشريعية رقابيا”.
وشدد، على أن “ذلك سيجعلنا ملزمين بإمهال البنك المركزي وادارته مدة اسبوع لمعالجة هذا التخبط قبل الذهاب الى خيارات اخرى داخل قبة البرلمان للدفاع عن اموال الشعب العراقي وثروات البلد”.
وانتهى المياحي إلى مطالبة “هيئة النزاهة واللجان الرقابية بـ”التحرك العاجل والفوري لإيقاف ما يجري في مزاد بيع العملة من فوضى دفعت ثمنها الطبقات الفقيرة من المواطنين واتخاذ أقسى الاجراءات بحق المتلاعبين بالأسعار”.
من جانبه، ذكر الباحث الاقتصادي صفوان قصي، أن “ارتفاع سعر صرف الدولار بسبب عقوبات من البنك الفيدرالي الأميركي على أربعة مصارف عراقية، وكذلك لغرض تدقيق المستندات التي كانت تقدم الى النافذة”.
وأضاف قصي، ان “مبيعات البنك المركزي انخفضت بمقدار 90 مليون دولار يومياً وهناك حوالات مرفوضة بسبب عدم قدرة دخول بعض المصارف الى مزاد العملة بعد الشروط الجديدة”، متوقعاً “عودة سعر الدولار الى سابق عهده خلال الاسبوعين المقبلين”.
واشار قصي، الى ان “عملية التحول لن تعود بالكامل على من يمتلك الدينار لدخول النافذة لان قسما من التجار هم ليسوا نظاميين قد يكون هناك تجار مخدرات او غسيل اموال وهؤلاء لا يستطيعون مع شروط البنك المركزي الدخول في مزاد العملة”.
وتابع “ما يقلقنا كمستهلكين ان ترتفع اسعار السلع وحاليا اسعار السوق ارتفعت الى 51% لكن البنك المركزي يمتلك احتياطيا كافيا لسد حاجة السوق”.
وطالب قصي، البنك المركزي بـ “تتبع حركة الدينار خارج النظام المصرفي فهناك كتلة نقدية خارج هذا النظام لا نعلم من أين تأتي والخزانة الامريكية لديها ملاحظات على النظام المالي بالعراق، كما ان البضائع التي تدخل البلاد لا توازي الاموال التي تذهب للخارج”.
ويسترسل، أن “البنك المركزي يبيع 20 مليون دولار يوميا لأغراض السياحة والعلاج، ودائرة متابعة غسيل الاموال في البنك المركزي تطالب بان تكون لها مكاتب في سوق العقارات والذهب لمعرفة شرعية المردود”.
واوضح قصي، ان “أكثر من 80% من القطاع المصرفي ممول من مصارف حكومية كالرافدين والرشيد، وعمليا هي ضمن مضلة القانون؛ لكن تتبع حركة المال تسهم بضبط العملة الصعبة”.
وتحدث، عن “نوع من تقليل العبء على العراق من خلال تنويع مصادر العملة وهناك سلة من العمليات العالمية واليوان الصيني واحدة منها”، مؤكداً “دعم الصين التعامل بالدينار العراقي شرط شراء بضائعها والبنك المركزي يدعم انشاء سوق حرة للعملات الاجنبية”.
واستدرك قصي، بالقول “عند اكتمال ميناء الفاو سيكون هناك نقل للسلع وسيزداد الطلب على الدينار العراقي والمشكلة الان قوة الدينار العراقي مربوطة بالنفط فقط وعلينا اسناد السياسة النقدية، اما اعادة الثقة بالدينار العراقي فيحتاج الى وقت خاصة بعد سرقة القرن”.