شهدت البلاد موجة امطار شديدة في المناطق الشمالية والوسطى والجنوبية بدأت صباح امس الاربعاء والى الان، تسببت بغرق اغلب شوارع المدن الرئيسية في بغداد والمحافظات.
ويعاني العراق من شح المياه في الأنهر وكذلك تضاؤل كميات هطول الأمطار وموجات الجفاف بسبب قيام دولة تركيا بقطع وتقليل حصته من المياه، إلى جانب التغير المناخي.
وأهوار العراق تعدّ أكبر محميّة طبيعية دولية، تشهد انتعاشا بعد أزمة المياه التي كانت تعاني منها البلاد والتي أثارت مخاوف من شطب الأهوار من لائحة التراث العالمي.
وأعلنت وزارة الموارد المائية، اليوم الخميس، أن كمية الأمطار المتساقطة ستعزز الخزين المائي، فيما أشارت إلى حدوث سيول نتيجة أمطار الأمس عززت الانهر والبحيرات والاهوار.
وذكر بيان للوزارة تلقته “أبعاد”، أن “الأمطار التي هطلت يوم امس على مناطق عدة في محافظات الوسط والجنوب كافة توزعت شدتها بين المتوسطة الى غزيرة وكانت أعلى الهطولات المسجلة في محافظة صلاح الدين”، مبيناً أن “هذه الأمطار ستسهم في تعزيز تصاريف نهر دجلة وايصالها إلى المحافظات الجنوبية لتلبية كافة المتطلبات وخصوصا الرية الثانية من الزراعة الشتوية وتأمين المياه للمناطق التي عانت من الشح المائي وتعزيز هور الحويزة والاهوار الوسطى وهور ابو زرگ وتحسين بيئة شط العرب”.
وأضاف البيان، أن “معدل تساقط الأمطار في محافظة ديالى بلغ 22 ملمترا، حيث نتجت عن هذه الأمطار سيول باتجاه بحيرة سد حمرين ستتم الاستفادة منها في تعزيز الخزين المائي للسد، أما بالنسبة للجانب الشرقي من البلاد فأنه سوف ترد سيول من الجارة إيران خلال هذا اليوم في الأنهر المشتركة معها في المحافظات واسط وميسان والتي ايضا سيتم الاستفادة منها في تعزيز واقع الأهوار العراقية”.
وتابع أن “السيول تشكلت في وديان المنطقة الغربية من البلاد وقسم من هذه السيول عززت تصاريف نهر الفرات والقسم الاخر توجهت نحو بحيرتي الحبانية والرزازة وكذلك سيتم الاستفادة من مياه الأمطار التي هطلت في محافظات الأنبار وبابل والنجف الأشرف والمثنى لغرض تعزيز الاطلاقات المائية في نهر الفرات باتجاه اهوار الحمَّار والأهوار الوسطى التي عانت من الشح خلال الفترة الماضية”، لافتاً إلى أن “كميات الأمطار في سدة الرمادي بلغت 30 مليمتراً وفي سدة الكوفة 20 مليمتراً”.
وأوضح ان “موجة الأمطار والسيول أدت إلى تخفيف الضغط على الاستهلاكات والمياه السطحية مما أعطى المرونة للوزارة بتطبيق خططها للاطلاقات المائية للمحافظة على الخزين المائي لتامين كافة الاحتياجات ولجميع المحافظات”، مؤكداً أنه “تم الايعاز الى دوائر الوزارة كافة لغرض التعاون مع دوائر البلديات في المحافظات كافة لفكِّ الاختناقات الحاصلة نتيجة الأمطار”.
بدوره، يقول مدير ناحية قزانية شرقي ديالى مازن الخزاعي في تصريح صحفي تابعته “أبعاد”، ان “السيول الايرانية تدفقت للمرة الثانية هذا الموسم بمعدل أكثر من 350م في الثانية عبر وادي النفط قادمة من مناطق نفط خانة الحدودية مع إيران”.
وأضاف المسؤول المحلي ان “السيول تدفقت صوب الاراضي الزراعية والأنهار والجداول وانعشت الخطط الزراعية الشتوية بنسبة كبيرة مقارنة بالموسمين الماضيين وتجاوز أزمة شح المياه الشتوية بشكل تام”.
وأشار مدير الناحية الى “خروج سدي مندلي وقزانية عن الخدمة منذ سنوات بسبب الترسبات الطينية المتراكمة وتحولهما إلى محطة عبور وتصريف المياه فقط دون خزن مستدركا” الموارد المائية بدأت بتأهيل وتطهير سد مندلي منذ اشهر الى ان العمل توقف حاليا بعد تجمع مياه الأمطار في السد.
وتعتمد ناحية مندلي على الكميات الموجودة بسد مندلي والبالغة ثلاثة ملايين وخمسمائة ألف متر مكعب والمخصصة لارواء البساتين والتي تكفي لشهر واحد فقط لقلة طاقته الاستيعابية، اضافة الى مصدرين آخرين عن طريق وادي حران القادم من الجانب الايراني والذي يصب في سد مندلي وتكون مياهه غير صالحة للاستهلاك البشري وفقا للتقارير الطبية، في حين يكون المصدر الثاني من منطقة حمرين القادم من قضاء المقدادية والذي يتعذر وصوله الى مندلي لوجود تجاوزات كثيرة عليه من قبل أبناء تلك المناطق ووقوعه خارج إطار الحدود الادارية للناحية.
وتقع مندلي على بعد 93 كم شرقي بعقوبة ويبلغ عدد سكانها حاليا نحو 27 الف نسمة وتبلغ مساحتها 587 ألف دونم وتضم 150 ألف دونماً من الأراضي الصالحة للزراعة، اضافة الى 434 ألف دونم اخرى غير صالحة للزراعة.
فيما تقع ناحية قزانية شرق بعقوبة مركز محافظة ديالى، وتبعد عنها بنحو 120 كم وتخضع اداريا لقضاء بلدروز ويبلغ عدد سكانها 18 ألف نسمة، ويقطنها خليط من العرب والكورد والتركمان، وشهدت هجرة وترحيل مئات العوائل ابان حكم النظام السابق بسبب الحرب العراقية الايرانية.
من جهتها.. تؤكّد منظّمات عراقية ومختصون في المجال البيئي أنّ كميات الأمطار التي هطلت في العراق أنعشت الآمال في إعادة الحياة إلى أهوار الجنوب، والتي عانت من أزمة جفاف غيّرت معالمها الطبيعية، وسط دعوات لزيادة حصصها المائية، وسجّل العام الماضي نزوح عدد من العائلات من مناطق الأهوار بسبب الجفاف.
وعلى إثر غزارة الأمطار التي هطلت أخيراَ على البلاد، دفعت وزارة الموارد المائية كميات مائية نحو الأهوار، والتي أكّدت أن هناك تحسناً في كميات الخزين المائي للبلاد، نتيجة هطول الأمطار والسيول، وقد تمّ توجيه الجزء الأكبر منها إلى مناطق الجنوب وتأمين حصّة الأهوار، وأسهم بزيادة تدفّق المياه في الأهوار، وهو ما رفع مناسيبها في مناطق كانت جافّة، وتشير الجهات المعنية الى أنّ الأهوار كادت تخرج من لائحة التراث العالمي، بعد أن فقدت جزءاً كبيراً من طبيعتها بسبب الجفاف. لكن كميات الأمطار أعادت الأمل بعودة الحياة لها، وهذا ما يساعد الحكومة على وضع خطة محكمة لأجل إعادة الحياة وتشجيع العائلات التي نزحت من الأهوار على العودة إليها.
ويشار إلى أنّ مساحة الأهوار تفوق ستة عشر ألف كيلومتر مربع، وتمتدّ بين حدود العراق وإيران. إلّا أن الجزء الأكبر منها داخل العراق، وتشكّل حواجز جغرافية على تخوم مدن جنوبية كالناصرية والعمارة والبصرة. ووفقاً لبعض التقديرات فإنّ مساحة المناطق، التي ما زالت مغمورة بالماء، تقل عن ثلاثين في المائة من مساحة المنطقة على أحسن تقدير.