تقرير _ أبعاد
تعتزم الحكومة العراقية إلى حسم ملف مخيم الهول السوري في محاولة لتفكيكه واعادة جميع قاطنيه الى اراضيهم، الا ان تلك المساعي تصطدم بتحذيرات من “قنبلة موقوتة”. فيما تنقسم الآراء ما بين مؤيد ومعارض حول إعادة ساكني مخيم الهول السوري، إذ يرى جانب من المختصين أن اغلب قاطني تلك المخيمات من العراقيين هم ضحايا، فيما يذهب فريق اخر الى ان اعادتهم تمثل خطورة على امن العراق، مشددين على ضرورة اعادة تأهيل ساكني المخيم.
وأعلن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي، أمس الأربعاء، عن استعادة العشرات من العائلات العراقية الموجودة في مخيم الهول السوري، وذلك بعد توقف برنامج الإعادة التدريجية للعراقيين الموجودين في المخيم منذ شهر تشرين الأول الماضي.
وقال الأعرجي في بيان تغريدة تابعتها “أبعاد”: بـ”جهود تبذلها الحكومة العراقية، تم نقل 142 عائلة عراقية من مخيم الهول السوري إلى مخيم الجدعة، (جنوبي الموصل) في إطار دمجها بالمجتمع“.
وأكد الأعرجي، سعي بلاده للعمل على ما وصفه بـ”تفكيك منابع الإرهاب، تمهيداً لإغلاق مخيم الهول، وفق رؤية العراق، وصولاً لأمن مستدام للعراق والمنطقة، بعد تأهيل تلك العوائل نفسياً ومجتمعياً“.
بدوره، يقول الباحث بالشأن الأمني والسياسي علي البيدر في حديث صحفي تابعته “أبعاد”، إن “الكثير من العوائل القاطنة في مخيم الهول هم من الضحايا، بأي درجة قرب كانت من الارهابيين”. واضاف البيدر، “لا يمكن محاسبة القاطنين في المخيمات على ما اقترفته الايادي الارهابية من جرائم”. ودعا الباحث بالشأن الامني، الحكومة الى “ابعاد تلك العوائل عن امكانية الاستغلال من قبل بعض الجهات في مراحل مقبلة”، مشددا على “ضرورة التعامل معهم بطريقة انسانية ومسؤولة“.
وأوضح، أن “النظر الى تلك المخيمات بنظرة انتقامية سيولد الكثير من الأزمات”، مبينا أن “مخيم الهول من أخطر المخيمات عالميا“.
وأكد البيدر، “أهمية اعادة العراقيين المتواجدين في تلك المخيمات وبشكل قانوني، وانتشالهم إلى مساحة الحياة العامة“.
وكانت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق جبرو، قد اعلنت خلال مؤتمر صحفي الشهر الماضي، عن وجود نحو 8 آلاف عائلة عراقية في مخيم الهول السوري، قالت إنها ستستأنف عملية إعادتها بداية العام 2023 بإشراف جهاز الأمن الوطني بعد تدقيق الأسماء، وخاصة إعادة النساء والأطفال الذين ليس لديهم أي ارتباط بداعش.
من جهته، يقول الباحث بالشأن الأمني سرمد البياتي في حديث صحفي تابعته “أبعاد”، إن “مخيم الهول يصنف الى عدة تصنيفات، وقسم كبير من القاطنين في تلك المخيمات هم ضحايا“.
وأضاف البياتي أن “المخيم يمثل قنبلة موقوتة نتيجة الاكتظاظ السكاني فيه وتعدد الجنسيات، اضافة الى قربه من الحدود العراقية“.
ويستبعد الباحث بالشأن الامني “تفكيك المخيم في فترة قصيرة”، مطالبا بـ”إعادة تأهيل ساكني مخيم الهول السوري“.
من جانبه، يرى الباحث في الشأن الأمني الاخر، أحمد الشريفي، أن “إغلاق مخيم الهول أمر صعب، خصوصا أن بعض العوائل القاطنة فيه تواجه مشاكل عشائرية، ولذا فمن الصعب إغلاقها وإعادة سكانها إلى مناطقهم الأصلية، فهناك رفض اجتماعي لهم، وهذا ما يؤخر إغلاق بعض مخميات النزوح في مدن مختلفة“.
واضاف الشريفي أن “إغلاق المخيمات من دون إعادة تأهيل النازحين بشكل جيد من قبل جهات متخصصة وحتى دولية وأممية، يعني إطلاق أناس يحملون أفكارا متطرفة في المجتمع، وهؤلاء يعتبرون قنابل موقوتة، ولذا توجد معوقات كثيرة ستواجه هذا الحراك من أطراف اجتماعية وسياسية وحتى أمنية”. ولفت الباحث في الشأن الأمني الى، أن “مسألة إغلاق مخيم الهول السوري لا تعتمد فقط على قرار العراق، بل هذا الأمر يحتاج إلى موافقات دولية كثيرة، فهناك الكثير من الأجانب في هذا المخيم لا يمكن نقلهم للعراق، ودولهم ما زالت ترفض استلامهم، ولذا لا يمكن اتخاذ قرار إغلاق المخيم من قبل العراق من دون وجود الموافقات الدولية لاسيما من الدول الأوروبية“.
ويبلغ عدد قاطني مخيم الهول أكثر من 56 ألفاً، ويقدر عدد العائلات بنحو 15 ألف و300 عائلة، بينهم 2423 من عائلات عناصر وقتلى ومعتقلي تنظيم داعش المنحدرين من نحو 60 دولة ويشكل اللاجئون العراقيون العدد الأكبر من قاطنيه، إذ يتجاوز عددهم 30 ألفا، كما يضم المخيم نازحين سوريين. يذكر أنه في العام 2022، جرى إخلاء 698 عائلة عراقية من المخيم على شكل 6 دفعات، يقدر عدد أفرادها بأكثر من 3080 شخصاً.
من جانبه، ويقول وكيل وزارة الهجرة كريم النوري، إن “الحكومة اتخذت قراراً وطنياً وانسانياً بإعادة العراقيين من مخيم الهول السوري بعد إجراء التدقيق الأمني”.
وأوضح النوري، ان “الذين بحقهم شبهات أمنية وقانونية وقضائية هم غير مشمولين بهذه الاجراءات الانسانية، كون لديهم دعاوى يجب حسمها أمام القضاء أولاً”. وبين، ان “50% من الواصلين إلى مخيم الجدعة تم تأهيلهم وإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية بعد حوارات ومؤتمرات مع الاهالي هناك من أجل إيصال رسائل اطمئنان لهم“.
ورأى النوري، ان “بناء الدولة لا يكون عبر الانتقام والثأر، ومن بحقه ملفات قضائية، فهذا اختصاص المحاكم المختصة”.
وشدد، على أن “العراق نجح في بدء عمليات مكثفة على صعيد التأهيل المجتمعي”، مؤكداً “وجود أكثر من 11 منظمة دولية تتعاون مع وزارة الهجرة في إنجاز عمليات التأهيل“.
وأورد النوري، أن “جهودنا أثمرت عن حالة من التأقلم لدى العائلات الوافدة والابتعاد عن البيئة التي كانت في مخيم الهول”. وبين، ان “الهول عبارة عن إمارة تابعة لتنظيم داعش الارهابي، ويضم 60 ألف شخص من جنسيات مختلفة”. وتحدث النوري، عن “قبول بعض الدول بإعادة مواطنيها المتواجدين في مخيم الهول بشرط أن تكون لدى الشخص هوية الدولة التي ترعاه“.
وأفاد، بأن “العراق يمارس الاجراءات ذاتها بأن لديه لجنة تمارس عملها بدقة في تفحص الاسماء قبل إعادتها إلى البلاد“.
وأوضح النوري، أن “الذي يفكر بإبقاء العراقيين في مخيم الهول فأنه يعرض البلاد إلى خطرهم خلال المستقبل“
وحذر، من أن “عدم تفكيك مخيم الهول وإنهائه سيؤدي إلى تهيئة جيل جديد لتنظيم داعش الارهابي قد يكون أخطر من سابقه“.
وتابع النوري، أن “بعض الدول التي ترفض استقبال ابنائها المتواجدين في مخيم الهول لا تجد خطورة بحكم البعد الجغرافي لكن بعد أن بدأ العراق بإجراءاته تشجعت بعض هذه الدول على أن تعيد مواطنيها“.