أبعاد
ضياء المحسن- باحث في الشأن المالي والإقتصادي
قد يتبادر الى ذهن من يتابعنا بأننا نحاول الكتابة في الشأن السياسي، خاصة مع عنوان هذا المقال، ومع ثقتنا بقدرتنا على تحليل هذا الأمر، فإننا نجزم للقارئ بأننا لن نقترب من السياسة في هذا الموضوع، بالقدرالذي نحاول فيه شرح الجنبة الإتصادية وأهميتها للعراق ككل وليس للمتصارعين الأكراد (الإتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني).
بدأت الأزمة بين الحزبين الكرديين عندما استحوذ الديمقراطي الكردستاني على كامل الحصة التي تصله من المركز لغرض تطوير المحافظات الشمالية الثلاثة (أربيل، السليمانية، دهوك) خاصة مع سيطرة الديمقراطي الكردستاني على مقاليد الحكم في شمال العراق وتهميش الإتحاد الوطني وعدم إشراكه في مجريات الأمور هناك، ما وَلْد إحباطاً لدى قيادات الإتحاد الوطني.
معلوم أن الديمقراطي الكردستاني يسيطر على منابع النفط في شمال العراق، ويقوم بتصدير النفط المنتج من شمال العراق عن طريق ميناء جيهان التركي، بينما يسيطر الإتحاد الوطني على منافذ إنتاج الغاز في المنطقة الكردية التي تتمتع بما يشبه الحكم الذاتي واسع الصلاحيات، ومع ذلك فإن السليمانية التي تعتبر حصن الإتحاد الوطني فقيرة قياساً بأربيل معقل الديمقراطي الكردستاني، بالإضافة الى ذلك فإن لإتحاد الوطني يعد قراره ضعيفاً أمام قرار الديمقراطي الكردستاني لأن الأخير يملك قوة محافظتين حتى مع تغلب الإتحاد الوطني من جهة عدد نفوس محافظة السليمانية، لذلك كان لابد من تعديل هذه الكفة والتي جاءت من خلال التصويت على أن تكون حلبجة محافظة رابعة في شمال العراق (لم تحصل على موافقة مجلس النواب العراقي لغاية اللحظة).
على الحكومة المركزية أن تقوم بتفعيل أدواتها للضغط على الديمقراطي الكردستاني والرضوخ لقرار المركز فيما يتعلق بكامل الإنتاج النفطي هناك وتسليمه الى شركة سومو وبيعه كاملا في الأسواق العالمي، وهذا لن يكون إلا من خلال الضغط على الجانب التركي بضرورة منع الأكراد من بيع النفط عن طريق ميناء جيهان التركي، وإلا سوف يخسرون إيرادات لا تقل عن أربعة مليارات دولارات تحصل عليها تركيا من خلال تصدير العراق لنفطه عن طريق ميناء جيهان، بالإضافة الى التلويح بالورقة الإقتصادية وميل الميزان التجاري لصالح تركيا (تجاوزات الإيرادات المالية لتركيا جراء مبيعاتها للعراق ال16 مليار دولار سنوياً).
ومع وجود ثقل للإتحاد الوطني تستطيع الحكومة القيام بتقسيم حصة الأكراد بين إدارتين الأولى في محافظة السليمانية والثانية في محافظة أربيل، وبالتالي ستجد الحكومة إذعان الأكراد لقرار المحكمة الإتحادية والمتعلق بضرورة تسليم الأكراد لكامل الإنتاج النفطي الى شركة سومو بدونأن تضطر لإستخدام القوة.