كشف قاضي محكمة تحقيق الكرخ القاضي الأول ضياء جعفر عن صدور توجيهات جديدة من رئيس مجلسالقضاء الأعلى بشأن استرداد الأموال، فيما لمح بتورط مقدم برامج سياسية وشخصية اعلامية مرتبطة بقناة فضائية.
وقال القاضي جعفر إن “موضوع مكافحة الفساد يعد أحد الأزمات التي تمر في البلد”، مبيناً أن “اجتماعاًموسعاُ عقد مؤخراً في مبنى رئاسة مجلس القضاء الأعلى بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضيفائق زيدان، ورئيس هيئة النزاهة، ورئيس الفريق الساند المشكل من قبل مجلس الوزراء، وقاضي التحقيقالمختص بقضايا النزاهة في الرصافة ومحكمة تحقيق الكرخ”.
وأضاف أن “الهدف من هذا الاجتماع هو توضيح العقبات التي تواجه عملنا التحقيقي بشأن مكافحةالفساد، حيث إن هناك جملة من المعوقات التي تعترض عملية مكافحة الفساد أهمها جمع الأدلة الخاصةبالموضوع، وإنضاجها، وإيصالها لمحاكم التحقيق لاتخاذ الإجراءات القانونية بحق مرتكبيها، ومن ثمإحالتهم إلى المحكمة المختصة”، مشيراً إلى أن “الاجتماع تمخض عن توجيهات من مجلس القضاء الأعلىتضمنت ضرورة العمل على استرداد المبالغ المالية التي حصل عليها عدد من المتهمين، ومرتكبي جرائمالفساد المالي والإداري”.
وذكر أن القاضي جعفر أن “جميع التحقيقات والإجراءات في السابق كانت تمضي بكلاسيكية واضحة وهيإحالة مرتكب الجريمة إلى المحكمة المختصة، ومن ثم اتخاذ الإجراءات القانونية وإفساح المجال في تقديمالدفوع”، لافتاً إلى “أننا سنحاول خلال الفترة القادمة الابتعاد عن هذه الكلاسيكية في إجراءات سريعةباتجاه ضرورة إعادة المبالغ المالية التي تم الحصول عليها بارتكاب جرائم الفسادين الإداري والمالي”.
وبين قاضي النزاهة: “خلال الفترات التي مضت بدأ القضاء العراقي يركز على موضوع آخر أيضاً وهوموضوع التعاقدات التي حصلت فيها أخطاء ومخالفات، أو التعاقدات التي تتضمن وجود شبهات غبنلمصلحة الدولة”، لافتاً إلى “أننا بدأنا بخطوات حديثة حول هذا الموضوع، وثمارها بدأت تظهر من خلالالتحقيق في قضية من القضايا التي ننظرها بالوقت الحاضر، وتم التركيز على النظر بإعادة التعاقدات،منها الحاصلة مع مصرفي الرافدين والرشيد، حيث تضمن العقد في جزء من مفرداته بعض المشاكل، وتمتوقيعها في ظروف معينة كان يمر بها البلد”.
وبيّن أن “هذه التعاقدات وفق وجهات نظرنا القضائية هي تعاقدات غير صحيحة، وتحقيقاتنا توصلت إلىأن هناك عدداً من الجهات المتورطة بهذا الموضوع واتخذت الإجراءات القانونية بحق موظفين مقصرين بذلك،وإيداع مالك إحدى الشركات إلى السجن”، لافتاً إلى “أننا وصلنا لمراحل متقدمة بشأن إجراء التسوياتوإعادة جميع المبالغ المالية للدولة، حيث تم تسديد قسم من المبالغ المالية، فضلاً عن أن هناك لجاناُ شكلتلإعادة صياغة العقد بشكل منطقي وسليم وفق ما تقتضيه قواعد العدالة، مع الكثير من القضايا التي بدأتتعرض خلال الفترات القريبة التي مضت على هذه الشاكلة”.
وتابع أن “هناك قضية عرضت على المحكمة تتعلق بتعاقدات وزارة العدل، حيث أجريت فيها التحقيقاتووصلنا بها إلى مراحل متقدمة باتخاذ الإجراءات القانونية بحق عدد من الموظفين”، موضحاً أن “هناكتوجهات ووجهات نظر من قبل الحكومة ووزارة العدل بإعادة النظر في التعاقد بشكل صحيح”.
وأكد القاضي جعفر أن “موضوع التعاقدات التي أجريت سابقاً، ونجد في الوقت الحاضر ما يشير إلىوجود غبن بحق مؤسسات الدولة، فإن هذا الموضوع محط نظر واعتبار القضاء، وهناك إجراءات وخطواتجدية باتجاه معالجة الموضوع بشكل حقيقي”، موضحاً أن “المعالجة الحقيقية لموضوع التعاقدات غيرالصحيحة والتي تسري بوتيرة معينة هي اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المقصرين فقط”.
وذكر أن “هذه الإجراءات تشمل جميع التعاقدات التي أجرتها الحكومات دون استثناء”، موضحاً أن“القضاء العراقي لم يتخذ الإجراءات القانونية الكلاسيكية بشأن هذه التعاقدات فقط، بل نبحث ونحققبشكل أوسع في القضية”.
وشدد على ضرورة “إعادة النظر بالتعاقدات بشكل قانوني ومنطقي وبعكسه ممكن أن تتخذ الاجراءاتالقانونية بحق أصحاب الشركات باعتبارهم قد أثروا على حساب مصلحة الدولة والمواطن”، لافتاً إلى “أنناماضون بالتحقيق في هذا الاتجاه حول عدد من القضايا الأخرى، بهدف تحقيق الأثر من التحقيقات وإيصالرسالة أن الردع سيطال من هو خارج الوظيفة ويحاول الأضرار بمصلحة الدولة”.
وأكد ان “قانون العقوبات أورد الكثير من المواد القانونية التي تعالج موضوع التعاقدات، إلا أن هذا الموضوعيتعلق بتكييف وقائع، حيث إن تكييف الوقائع سابقا بالتحقيقات التي تجريها المحاكم تعتمد على تحقيقاتتأتي من جهات لم يسبق ان تطرقت لهذا الموضوع”، لافتاً إلى أن “دورنا كقضاء نبحث في أثر الحكم، وما هوالأثر الذي يترتب عليه الحكم”.
وشدد على ضرورة “تطبيق روح القانون”، مشيراً إلى “أننا بدأنا بالبحث في أثر الأحكام، هل أن أثرها يزيلالمخالفات التي ترتكب داخل المؤسسات الحكومية”.
وبين “أننا بدأنا نوضح التفاصيل لرئاسة مجلس القضاء الأعلى فيما يتعلق بهذه الأمور، وكانت التوجيهاتواضحة بأن نفعل بعض التفاصيل التي ممكن من خلالها تحقيق الأثر الذي يزيل أثر الجريمة، وعدم الاكتفاءباجراء التحقيقات مع الموظفين الذي أساؤوا استخدام السلطة، أو الذين سهلوا الاستيلاء على الأموال العامةللأشخاص خارج الوظيفة”.
وبيّن القاضي جعفر أن “الكتاب الذي انتشر حول رفع الحجز عن أملاك المتهم (نور زهير) واضح، ويشير إلىقيام المتهم بتسديد مبالغ مالية ودعت في خزينة الدولة وعلى إثرها رفع الحجز عن العقار أو عن الشركة الذيسدد مبلغها بشكل كامل لخزينة الدولة”، مؤكداً عدم “وجود رفع الحجز عن الأموال المنقولة وغير المنقولة عنالمتهم بشكل كامل، حيث إن بقية أمواله محجوزة لصالح مصلحة الدولة وفق المعطيات الموجودة وهي عددمن المشاريع والشركات التي مستمرة تحت قرار الحجز”.
وأكد أن “هذا المتهم سدد حتى الآن ما يقارب الـ400 مليار دينار من أصل تريليون و600 مليار دينار”، لافتاإلى أن “المتبقي يسدد وفق جدول زمني، وماضون باتجاهه ومن المفترض أن ينجز بشكل سريع”، مشيراً إلىأن “هناك الكثير من المعوقات التي ترافق عملية التسديدات، ولا صحة لرفع منع السفر بخصوص المتهم،وهناك إجراءات متخذة بعدة اتجاهات وصدور قرار بأنه يكون المتهم (نور زهير) تحت أنظار ومتابعةالتحقيقات بشكل واضح”.
وذكر أن “هناك بعض التفاصيل التي توصلنا لها ونقوم بجمع الأدلة باتجاه بقية الأطراف المتورطةبالقضية”، لافتاً إلى أن “قضية صفقة القرن لا تتعلق بالمتهم نور زهير فقط، بل بأطراف كثيرة وقيادات داخلالحكومة السابقة سهلت وخططت للاستيلاء على هذه الأموال”.
وأشار إلى أن “التحقيقات مستمرة بالقضية، وصدرت أوامر قبض جديدة بحق شخصيتين حكوميتينإحداهما وجه لها الاتهام بشكل واضح ونحن قريبون جداً من اتخاذ الإجراءات القانونية بحقه بعد استكمالالأدلة. والشخص الآخر صدرت بحقه مذكرة قبض يرتبط بجهة حكومية مهمة في الحكومة السابقة واتخذتبحقه الإجراءات القانونية وحالياً عليه متابعة دولية لاسترداده من إحدى الدول”.
وأكد أن “المحكمة نظرت في عدد من القضايا تشير إلى خروج بعض الإعلاميين عن جانب الحياد الذي منالمفترض أن يمارسوه”، لافتاً إلى أن “الإعلام يجب أن يكون إعلاماً محايداً وينقل ما يدور”.
وبين أن “هناك إجراءات قانونية اتخذت بحق إعلامي وشخص يرتبط بمؤسسة إعلامية لطلبهما مبالغ ماليةتقدر بـ3 ملايين دولار وأجريت التحقيقات وما زالت مستمرة”، موضحا أنه “تم استدعاء الإعلامي والشخصالآخر، أحدهما مثل أمام المحكمة والآخر لم يمثل حتى الآن، وقد تتخذ بحقه الإجراءات لإجباره على الحضوروفق قانون أصول المحاكمات الجزائية، والتحقيقات ما زالت في أولها”.
وأكد أن “عدم ذكر أسماء المتهمين بالقضية هو للحفاظ على المهنة كقضاة من خلال القواعد القانونية التيدرسناها وندرّسها في الوقت الحاضر والمتضمنة أن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، لافتاً إلى أن “قضاياالفسادين المالي والإداري فيها عدد من الأوجه، وجزء منها تثير حفيظة المواطنين تجاه المتهم التي تسند إليهتهمة الفساد، وفي بعض الأحيان التهم لا تثبت”.
وأكد القاضي جعفر أن “التحقيقات في قضية سرقة القرن مستمرة، وهناك صعوبة بشانها كون أغلبالأطراف التي ارتكبت الجريمة هي خارج العراق، وهذه إحدى العقبات التي تواجهنا”، لافتاً إلى “أننا سنجدالمخرج لملاحقتهم بشكل أصولي وإعادة الأموال المهربة كافة”.
وأوضح قاضي تحقيق محكمة الكرخ أن “قانون هيئة النزاهة والكسب غير المشروع يتضمن أن أي شخصيوجه له الاتهام بتضخم أمواله، يحضر أمام المحكمة لبيان المصادر المشروعة لأمواله وتوضيحها، وفي حالقناعة المحكمة بصحة المصادر وإجراء التحقيقات ممكن أن يحال إلى المحكمة أو تنتهي القضية”.
وذكر أن “ما حدث بشأن المتهم هيثم الجبوري، هو أنه مثل أمام هيئة النزاهة ووضح مصادره المشروعة،ولعدم قناعة الهيئة بمصادر الأموال رفع إلى المحاكم تقرير يتضمن الاشتباه بحصول تضخم بأمواله بقيمة17 مليار دينار”، لافتاً إلى أنه “تم استجوابه بالمحكمة بشكل أصولي بشأن مصادر أمواله، إلا أنه لم يقدم أيجديد، وإنما قدم بعض الدفوع القانونية بخصوص مصادر الاموال، حيث رفضت قسماً منها المحكمة والقسمالآخر تم إحالته إلى المدرسة التدقيق الخارجي لإجراء التدقيقات وبيان فيما إذا كان هناك فرق أو أنه يقللقيمة التضخم الحاصل”.
وأكد أن “التقارير التي وردتنا لاحقاً تؤيد أن كل ما قدمه المتهم غير دقيق وغير صحيح وغير سليم”، مشيراإلى أنه “على هذا الأساس حصدنا قيمة المبلغ الذي بذمته، ووضحنا له أنه سيتم إحالته إلى محكمةالموضوع”.
وبين أنه “قبل إحالته على المحكمة، حضر أمامنا وطلب أن يسدد جزءاً من الأموال بهدف التسوية”، موضحاًأن “المتهم سدد مبلغاً مالياً أمام محكمة الجنايات بقيمة 4 مليارات دينار، ودفع 5 مليارات دينار بصك مصدقككفالة ليكون المجموع 9 مليار دينار من اصل 17 مليار دينار، وطلب مهلة لاستكمال كامل المبلغ المالي وهوحالياً مطلق سراحه بكفالة”.
وأكد أن “محاكمة هيثم الجبوري ستجري وفق القانون، حيث إن دفعه المبالغ المالية لن تلغى القضية بحقهكحال قضية نور زهير”، لافتاً إلى أن “دفع الأموال قبل المحاكمة ستخفف من الأحكام، حيث إن حسن النيةبالتسديد ممكن أن يخفف الحكم بالقضية”.
وذكر أن “منحة مكافحة الفسادين المالي والإداري في كل دول العالم يختلف عن منحة بقية الجرائم، التي لهاأصولها وإجراءاتها”، موضحاً أن “اختلاف الأحكام ونسبيتها وتخفيفها وتجديدها يختلف من محكمةلأخرى وفق وجهة النظر والمعطيات وما موجود في قانون العقوبات”.
وأكد جعفر أن “الكسب غير المشروع الذي ورد في قانون هيئة النزاهة رقم 30 لسنة 2011 والمعدل عام 2019،يتضمن نصوصاً جديدة، وأن هذه النصوص جزء من مفرداتها تتسم بالخطورة إذ إنها لا تتعلق بموظفيالدولة فقط، وإنما ممكن أن تشمل غير الموظفين وأن تطبيقات هذا القانون تحتاج إلى دقة وعناية عاليين”.
وأشار إلى “أننا حريصون على جانبين: الأول: أنه نتخذ الإجراءات القانونية بحق كل الأشخاص الذين أثرواعلى حساب المؤسسة الحكومية، والثاني: هو جمع الدليل بالشكل المنطقي لكي نكون مطمئنين أنه من اتخذبحقه الإجراءات القانونية كان يستحق أن تسند إليه هذه التهم”.
وبين أن “النصوص القانونية في قانون الكسب غير المشروع رقم 30 لسنة 2011 نصوص قاسية جداً،والتي تتضمن تغريم المتهم بقيمة الكسب، وبرد قيمة الكسب (أي إن المبلغ يدفع مضاعفة)، وأن التحقيق فيهذه القضايا يعتمد على تقارير هيئة النزاهة والتي عند عرضها على القاضي ومن واجبه تدقيقها بشكلأصولي”، لافتاً إلى “اهمية الإفساح المجال للمتهمين بهذه الجرائم أن يقدموا دفوعاتهم باتجاه كيفيةالحصول على مصادر الأموال”.
وبين “أننا حذرون بالتعامل مع مثل هكذا قضايا”، لافتاً إلى أن “قانون الكسب غير المشروع ممكن انيستهدف غير الموظف”.
وتابع: “في فترة معينة لاحظنا وجود استغلال في قرارات مجلس الوزراء؛ لتحقيق مصالح شخصية بهدفالانتفاع على حساب مصلحة الدولة”.
وبين أن “وزيراً معيناً في الحكومة السابقة قام بادراج طلب في جلسة مجلس الوزراء لشراء أرض مساحتها2880 متراً مربعاً، ادعى أن قطعة الأرض التي يسكنها محبوسة من الطرق كافة، حيث إن مجلس الوزراءوافق على استثنائه من شراء الأرض بالمزايدة العلنية وفق الطرق القانونية”، لافتاً إلى أن “التحقيقات اليومأوضحت عدم صحة الكشف، وعدم دقة الإجراءات القانونية، حيث ستتخذ الإجراءات بحق الوزير واللجنةالتي أوضحت الكشوفات والرسومات غير الصحيحة، وأصدرنا قراراُ بمنع التصرف وإكمال إتمام تسجيلالمعاملة بهذا الوزير”.
وبين جعفر أن “اللجنة العليا لمكافحة الفساد تحقق في الكثير من القضايا، وهي تعمل بصمت وبخطىثابتة بموضوع جمع الأدلة وعرض المعلومات”، لافتاً إلى أن “إجراءاتنا تستند إلى أدلة موضوعية ومنطقيةدون أن تبنى التحقيقات وجمع المعلومات على أمور شخصية”.
وأعرب عن تاييده لـ”هذه الخطوات ونشد على أيديهم بأن تستمر الإجراءات وفق هذه الوتيرة”، لافتاً إلى أن“عدد من القضايا التي قدمت كان لها الأثر بإيقاف بعض التفاصيل التي تتعلق بجانب وقائي”.
وأكد أن “أعضاء الهيئة العليا يعملون وفق استراتيجية واضحة وصحيحة في الجانب الوقائي وإنفاذالقانون بعد استكمال التحقيقات بشكل اصولي وتكون مراحل جمع الاستدلالات بشكل منطقي معتمدة علىالتحقيقات وأدلة منطقية واضحة تشير إلى ارتكاب جريمة”.
ولفت جعفر إلى أن “هناك قضية عرضت على المحكمة، ووفق قانون هئية النزاهة والكسب غير المشروعوالنصوص القانونية الواردة به، منحنا الوكيل السابق للاستخبارات (أحمد أبو رغيف) المدة القانونيةلإثبات مشروعية مصادر أمواله، ومن المفترض أن يقدم الأدلة التي تنفي التهمة عنه خلال الأيام القادمةوالتحقيقات مستمرة”، لافتاً إلى أن “هناك قراراً بمنعه من السفر”.
وأكد: “حتى الآن لم تعرض على المحكمة قضية تتعلق بالكسب غير المشروع لمدير مكتب رئيس مجلس الوزراءالسابق رائد جوحي”.