رأت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، عن تعليق مشاركة بلاده في معاهدة للحد من التسلح النووي مع الولايات المتحدة، بمثابة رسالة “شديدة اللهجة” رداً على زيارة بايدن، الاثنين، إلى كييف، والدعم الغربي لأوكرانيا.
وذكرت الصحيفة أن الرد “الأكثر عنفاً” من الزعيم الروسي جاء بعد تعهده، أمس الثلاثاء، بمواصلة الحملة العسكرية في أوكرانيا، ما يؤدي لاتساع الفجوة الدبلوماسية بين موسكو والغرب، وينذر بمستقبل قاتم لكييف التي مزقتها الحرب.
جاء ذلك خلال خطاب واسع النطاق ألقاه بوتين عن حالة الأمة أمام الهيئة التشريعية الفيدرالية الروسية في العاصمة موسكو، أمس، قبل الذكرى السنوية الأولى للحرب في أوكرانيا، محذراً واشنطن من أنها “إذا كانت ستختبر أنواعًا جديدة من الأسلحة النووية، فإن روسيا ستفعل الشيء نفسه”.
وتحت عنوان “انعدام الثقة بين القوتين”، قالت الصحيفة إن تصريحات الزعيم الروسي بشأن معاهدة الحد من التسلح النووي، المعروفة بـ”ستارت الجديدة”، تزيد من العداء بين واشنطن وموسكو، وتضاعف القلق العالمي حول تداعيات القرار، رغم أنه لم يرتق لحد الانسحاب الكامل من المعاهدة.
وفي هذا الصدد، نقلت الصحيفة الأمريكية عن سيرجي ماركوف، مدير معهد الدراسات السياسية الموالي للكرملين، قوله إن خطوة موسكو لن يكون لها على الأرجح عواقب وخيمة على المدى القصير، لكنها “لا تبشر بالخير بالنسبة للمستقبل”.
وأضاف ماركوف: “إذا لم تستمع واشنطن إلى موسكو الآن، فهذا تحذير من بوتين بأنه قد ينسحب كليًا من المعاهدة. وفي غضون سنوات قليلة، قد يكون هناك تغيير هائل من شأنه أن يقلل بشكل كارثي من الأمن النووي للولايات المتحدة،” محذراً أن روسيا “ستنتقل من صواريخ نووية أحادية الرأس إلى صواريخ برؤوس حربية متعددة”.
وأوضحت الصحيفة أنه بينما أشارت تصريحات بوتين إلى أن روسيا ستستمر في رفض عمليات التفتيش في الموقع بموجب المعاهدة، فإنه لم يشر إلى ما إذا كانت بلاده ستعلق الامتثال لبنود أخرى من الاتفاقية من خلال رفض تقديم بيانات عن قواتها النووية أو حجب الإخطار عن التجارب صاروخية.
وأبلغ مسؤولون أمريكيون بارزون “وول ستريت جورنال” أن الرئيس الروسي يبدو وكأنه يترك الباب مفتوحًا أمام احتمال استمرار موسكو في مراعاة البنود الأساسية للمعاهدة، لكنهم أشاروا إلى أن قرار بوتين يهدف إلى إضافة عقبات إلى أي جهد للتفاوض على اتفاقية متابعة بعد انتهاء صلاحية “ستارت الجديدة” في فبراير 2026.
ورأت الصحيفة الأمريكية أن خطاب بوتين أمس كان مصمماً جزئيًا لتعزيز الدعم المحلي للحملة العسكرية في أوكرانيا، مشيرة إلى أنه كرر تأكيداته المتزايدة بأن الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين قد بدأوا الصراع من خلال تقريب الحكومة الأوكرانية من أوروبا.
وجاءت تصريحات الرئيس الروسي قبيل زيارة وانغ يي، كبير الدبلوماسيين الصينيين، إلى موسكو، حيث من المقرر أن يلتقي بنظيره الروسي، وزير الخارجية سيرجي لافروف، اليوم الأربعاء. وصرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، بأن بوتين قد يجتمع أيضاً مع وانغ.
وأشارت الصحيفة إلى أن بوتين استخدم الخطاب الذي طال انتظاره لطمأنة الروس بأن البلاد ستكون قادرة على تحمل العزلة الدولية المتزايدة، وتعهد بإعطاء الأولوية لبرامج الرعاية الاجتماعية مع دخول الصراع عامه الثاني. كما أكد بوتين أن الاقتصاد الروسي قد تجاوز أسوأ العقوبات.