أبعاد
الكاتب -إياد الإمارة
الكل يُجمع على حضور السيد نوري المالكي الفاعل في العملية السياسية الجارية وقدراته العالية على إدارة أشد ملفاتها صعوبة، وقد وجدتُ -وأزعم أني من أوائل الذين بشروا بدور متفرد لهذا الرجل- أن كثيراً من الذين اختلفوا معي فيه عادوا ليقروا مرغمين بقوة الرجل، وسلامة نواياه، ومواقفه الوطنية الشاخصة، ومكانته المتميزة لدى “العقلاء”، وكلمته الفصل، ورؤيته الإستشرافية، وجدية وعوده وصدقه فيها، وثباته على موقف واحد لا يتزحزح عنه، وصفات إيجابية أخرى تتوفر في السيد المالكي لا تعصمه من بعض الأخطاء وقد تحدثتُ عنها في مناسبات متفرقة وسمعها مني وتقبلها بكل رحابة صدر و إحترام وتقدير وشكر وثناء..
يقول السيد المالكي في لقاء أجرته معه إذاعة مونتكارلو الدولية:
“الحكومة الحالية جاءت بعد عملية اختناق كادت ان تعصف بالعراق في حرب اهلية مدمرة، وعلينا جميعا دعم الحكومة الحالية لتنفيذ منهاجها الوزاري”
وهذه الحقيقة بلا رتوش أو مجاملات، فقد كدنا أن نذهب في داخل هذا البلد إلى مصير مجهول لا تُحمد عقباه لكن بفضل من الله تبارك وتعالى تم تجاوز المحنة.
ويقول أيضاً:
“نحن في ائتلاف إدارة الدولة كتبنا قانون الانتخابات الجديد ونسعى لإقراره في البرلمان لان القانون الذي اُجريت وفقه الانتخابات السابقة (سيء) ويشبه (تقطيع القماش) بشكل عشوائي”
القانون الإنتخابي الذي أُجريت فيه الإنتخابات السابقة سيء جداً ويدخل العملية السياسية في دهاليز الإنسداد الذي يطيح بالعراق لا سامح الله.
ويقول السيد المالكي بخصوص التصويت على القانون الجديد:
“الذين يعترضون على مقترح قانون الانتخابات الجديد (يضخمون الأمور) ونحن لا نريد برلمان متشرذم بل متماسك من كتل كبيرة”
تكون قادرة على تحقيقي إنسجام وطني يحقق آمال الناس وتطلعاتها، لقد أثبتت التجربة إن تشرذم المجالس التشريعية الإتحادية “البرلمان” أو مجالس المحافظات لا يحقق إنجازاً للناس.
ويعقب السيد المالكي على موضوع موعد الإنتخابات القادم:
“لا حاجة للانتخابات المبكرة بالوقت الحالي لان الوضع السياسي سليم ولا يعاني من انسداد، والحكومة تقوم بعملها بصورة طبيعة وتنفذ برنامجها الذي وعدت به”
ما الداعي لإجراء إنتخابات مبكرة ترهق ميزانية العراق؟
نعتقد أن الوضع في العراق مستقر، ولا مبرر لإجراء إنتخابات برلمانية مبكرة بل هناك ضرورة ملحة لإجراء إنتخابات مجالس المحافظات سريعاً.
وبما يخص مشروع الأغلبية السياسية يقول السيد المالكي:
“أنا اكثر من طالب وحاول إلغاء المحاصصة في النظام السياسي، ولكن الشركاء اصروا عليها لتقاسم الوزارات والوكالات وفق تقسيمات قومية ومذهبية حزبية”
كلنا نتذكر إن مشروع السيد المالكي الرائد كان تشكيل أغلبية سياسية في العراق رفضها الجميع وأصروا على المحاصصة التي يريد البعض تغليفها بغلاف آخر لا يغطي على واقعها أبدا.
حديث السيد نوري المالكي حديث واقعي جاد ليس حديثاً إنشائياً تستغرقه مطولات لا تعود على عراقي واحد بفائدة، ونحن في هذا البلد بحاجة ماسة إلى هكذا نوع من الحديث التشخيصي الدقيق والذي يقدم حلولاً واقعية يمكن تطبيقها للعبور بالعراقيين إلى بر الأمان..
ونحن بحاجة ماسة أيضاً لأن يتحقق الإنسجام والوئام بين كافة الشركاء السياسيين في المكون الواحد وبين كافة المكونات بلا إستثناء، الأحاديث المتشنجة والتقاطعات لن تصل بنا إلا لمزيد من التراجع والتعطيل والخسائر المتكررة.